كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 6)
لَا يَبْطُلُ اتِّفَاقًا كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَمَّا مُضِيُّ الْمُدَّةِ فَمُبْطِلٌ لِلْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْبَائِعٍ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إذْ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ إلَّا فِيهَا فَلَا بَقَاءَ لَهُ بَعْدَهَا كَالْمُخَيَّرَةِ فِي وَقْتٍ مُقَدَّرٍ وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ وَتَوَابِعُهُ وَهِيَ التَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ فَإِنَّمَا يَتِمُّ بِهِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَفَعَلَهَا أَمَّا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ وَفَعَلَهَا كَانَ فَسْخًا وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ السُّقُوطَ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ الْمَوْتُ وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ وَالسُّقُوطَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَكُونُ إجَازَةً بِالْقَوْلِ صَرِيحًا وَلَامَا يَكُونُ إجَازَةً بِالْفِعْلِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إذَا قَالَ أَجَزْت شِرَاءَهُ أَوْ شِئْتُ أَخْذَهُ أَوْ رَضِيتُ أَخْذَهُ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَوْ قَالَ هَوَيْتُ أَخْذَهُ أَوْ أَحْبَبْتُ أَوْ أَرَدْت أَوْ أَعْجَبَنِي أَوْ وَافَقَنِي لَا يَبْطُلُ اهـ.
وَفِيهِ لَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الْأَجْرَ مِنْ السَّاكِنِ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَوْ دَعَا الْجَارِيَةَ إلَى فِرَاشِهِ لَا يَبْطُلُ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهِ لَوْ حَجَمَ الْعَبْدَ أَوْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ كَانَ رِضًا لَا لَوْ أَمَرَ امْرَأَةً بِمَشْطٍ أَوْ دَهْنٍ أَوْ لُبْسٍ وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا مَعَ حَرْثِهِ فَسَقَى الْحَرْثَ أَوْ فَعَلَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ حَصَدَهُ أَوْ عَرَضَ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ بَطَلَ خِيَارُهُ لَا لَوْ عَرَضَهُ لِيُقَوَّمَ وَمُشْتَرِي الدَّارِ لَوْ أَسْكَنَهُ بِأَجْرٍ أَوْ بِلَا أَجْرٍ أَوْ رَمَّ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ بَنَى أَوْ جَصَّصَ أَوْ طَيَّنَ أَوْ هَدَمَ مِنْهُ شَيْئًا فَهُوَ رِضًا وَلَوْ طَحَنَ فِي الرَّحَى لِيَعْرِفَ قَدْرَ طَحْنِهِ إنْ طَحَنَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بَطَلَ خِيَارُهُ لَا فِيمَا دُونَهُ وَلَوْ قَصَّ حَوَافِرَ الدَّابَّةِ أَوْ أَخَذَ مِنْ عُرْفِهَا لَمْ يَكُنْ رِضًا وَلَوْ وَدَّجَهَا أَوْ بَزَّغَهَا فَهُوَ رِضًا وَالتَّوْدِيجُ شِقُّ الْأَوْدَاجِ جُمْلَةً وَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْخَادِمَ مَرَّةً أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ مَرَّةً أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ مَرَّةً لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ وَلَوْ فَعَلَهُ مَرَّتَيْنِ بَطَلَ وَلَوْ شَرَى قِنًّا بِخِيَارِهِ فَرَآهُ يَحْجُمُ النَّاسَ بِأَجْرٍ فَسَكَتَ كَانَ رِضًا لَا لَوْ بِلَا أَجْرٍ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِخْدَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ اُحْجُمْنِي فَحَجَمَهُ لَمْ يَكُنْ رِضَا شَرَى أَمَةً فَأَمَرَهَا بِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ رِضًا لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً لِيَسْقِيَهَا أَوْ لِيَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بَطَلَ خِيَارُهُ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا اهـ.
ثُمَّ قَالَ شَرَى بَقَرَةً بِخِيَارٍ فَحَلَبَهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بَطَلَ خِيَارُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا حَتَّى يَشْرَبَ اللَّبَنَ أَوْ يُتْلِفَهُ اهـ.
وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ فَإِنَّهُ إجَازَةٌ كَالْوَطْءِ وَالتَّقْبِيلِ لَا مَا يَحِلُّ فِي غَيْرِهِ كَالِاسْتِخْدَامِ وَزَادَ فِي الْمِعْرَاجِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إغْمَاءَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ أَفَاقَ فِي الْمُدَّةِ فَلَهُ الْخِيَارُ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى خِيَارِهِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ لَا يُسْقِطَانِ إنَّمَا الْمُسْقِطُ لَهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ وَلِذَا لَوْ أَفَاقَ فِيهَا وَفَسَخَ جَازَ وَلَوْ سَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ لَا يَبْطُلُ بِخِلَافِ السُّكْرِ مِنْ الْبَنْجِ وَلَوْ ارْتَدَّ فَعَلَى خِيَارِهِ إجْمَاعًا فَلَوْ تَصَرَّفَ بِحُكْمِ خِيَارِهِ تَوَقَّفَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي الْإِعْتَاقِ فَشَمَلَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ فِي الْمُدَّةِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَأَشَارَ بِالْإِعْتَاقِ إلَى كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَمَا إذَا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ رَهَنَ أَوْ آجَرَ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا قُبِضَ الثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ وَكَذَا هِبَتُهُ وَإِنْفَاقُهُ إلَّا إذَا اسْتَدَانَهُ لِغَيْرِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً بِعَبْدٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي الْجَارِيَةِ فَهِبَةُ الْعَبْدِ أَوْ عَرْضُهُ عَلَى الْبَيْعِ إجَازَةٌ وَعَرْضُهَا عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَ بِفَسْخٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ بِهِ شَيْئًا أَوْ سَاوَمَهُ بِهِ فَهُوَ إجَازَةٌ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَقَيَّدَ الِاسْتِخْدَامَ ثَانِيًا مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَنْ لَا يَكُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ هَذَا التَّصْحِيحَ غَرِيبٌ (قَوْلُهُ وَلَا مَا يَكُونُ إجَازَةً بِالْفِعْلِ) حَكَمَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ سَهْوٌ لِأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَالْإِعْتَاقُ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ السُّكْرِ مِنْ الْبَنْجِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَتَّى لَوْ طَالَ السُّكْرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الطَّوَاوِيسِيِّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ (قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ فَعَلَى خِيَارِهِ إجْمَاعًا) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِنْ ارْتَدَّ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إجْمَاعًا وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ إجْمَاعًا وَإِنْ تَصَرَّفَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا قُبِضَ الثَّمَنُ مِنْ الْبَائِعِ) كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمِعْرَاجِ مَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَسَائِلِ تَصَرُّفَاتِ الْبَائِعِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ فَاعِلُ الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ مِنْ الْبَائِعِ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ لَا صِلَةُ قَبَضَ وَيُقْرَأُ قُبِضَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَالثَّمَنُ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَعَرَضَهَا عَلَى الْبَيْعِ لَيْسَ بِفَسْخٍ عَلَى الْأَصَحِّ) مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ أَوْ عَرَضَ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ بَطَلَ خِيَارُهُ وَقَدْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْجَارِيَةِ هَذِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَذَكَرَ أَنَّ هِبَةَ الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهَا أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ إمْضَاءٌ لِلْبَيْعِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ صَفْحَةٍ وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعٍ فَعَرَضَ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَيْعِ.
ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ الْبَائِعِ لَيْسَ بِفَسْخٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الطَّوَاوِيسِيُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا عَرَضَ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ
الصفحة 20
316