كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 7)
بِرَأْيِك وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ وَلَا مَا لَا يَعْمَلُهُ التُّجَّارُ وَلَا أَنْ يَبِيعَ إلَى أَجَلٍ لَا يَبِيعُهُ التُّجَّارُ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُضَارِبَيْنِ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَلَوْ اشْتَرَى بَيْعًا فَاسِدًا مِمَّا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ فَلَيْسَ بِمُخْتَلِفٍ وَمَا اشْتَرَاهُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ اشْتَرَى بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَكُونُ مُخَالِفًا سَوَاءٌ قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك أَوَّلًا وَلَوْ بَاعَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ وَلَا أَنْ يَأْخُذَ سَفْتَجَةً كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَعْسَرَ مِنْ الْأَوَّلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان فَالْقَرْضُ وَالِاسْتِدَانَةُ لَا يَمْلِكُهُمَا إلَّا بِصَرِيحِ الْإِذْنِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَإِذَا صَرَّحَ بِالِاسْتِدَانَةِ كَانَتْ شَرِكَةَ وُجُوهٍ.
وَإِذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ بِهَذَا الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِغَيْرِ الْأَثْمَانِ كَانَ لِنَفْسِهِ وَبِالدَّنَانِيرِ لِلْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ هُنَا وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَرْضٌ لَهَا فَاشْتَرَى شَيْئًا لَهَا لِبَيْعِ الْعَرْضِ وَيَنْقُدَ الثَّمَنَ لَمْ يَجُزْ حَالًّا كَانَ الثَّمَنُ أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ اسْتِدَانَةٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا فِي يَدِهِ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ فِي الْفَاسِدَةِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْإِيدَاعَ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ وَلَمْ يَتَعَدَّ عَمَّا عَيَّنَهُ إنْ كَانَ التَّعْيِينُ مُقَيَّدًا مِنْ بَلَدٍ وَسِلْعَةٍ وَوَقْتٍ وَمُعَامِلٍ كَمَا فِي الشَّرِكَةِ فَإِنْ تَعَدَّى صَارَ ضَامِنًا فَإِذَا اشْتَرَى بَعْدَهُ كَانَ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِ حَتَّى عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَعَادَ الْمَالُ مُضَارَبَةً وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ فِي الْبَعْضِ كَانَ مُضَارَبَةً فِيهِ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ وَلَوْ كَانَ التَّقْيِيدُ غَيْرَ مُفِيدٍ كَسُوقٍ مِنْ مِصْرَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِالنَّهْيِ وَكَانَ مُفِيدًا فِي الْجُمْلَةِ كَالسُّوقِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا أَصْلًا كَنَهْيِهِ عَنْ بَيْعِ الْحَالِّ فَلَا يُعْتَبَرُ.
وَقَوْلُهُ خُذْ مُضَارَبَةً تَعْمَلُ بِهِ فِي مِصْرَ أَوْ لِتَعْمَلْ بِهِ أَوْ فَاعْمَلْ بِهِ أَوْ بِالنِّصْفِ بِمِصْرَ أَوْ فِي مِصْرَ أَوْ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِمِصْرَ تَقْيِيدٌ فَلَا يَتَجَاوَزهُ كَقَوْلِهِ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بِهِ الطَّعَامَ أَوْ فَاشْتَرِ بِهِ الطَّعَامَ أَوْ لِتَشْتَرِي بِهِ الطَّعَامَ أَوْ خُذْهُ بِالنِّصْفِ مُضَارَبَةً فِي الطَّعَامِ أَوْ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ فُلَانٍ وَتَبِيعَ مِنْهُ بِخِلَافِ وَاعْمَلْ بِهِ فِي مِصْرَ أَوْ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَوْ مِنْ الصَّيَارِفَةِ وَتَبِيعَ مِنْهُمْ لَيْسَ بِتَقْيِيدٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ فَلَهُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا وَمِنْ غَيْرِ الصَّيَارِفَةِ تَقْيِيدٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَكَانِ وَالصَّرْفِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْكُوفَةِ وَلَا أَنْ يَعْمَلَ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِقَرَابَةٍ أَوْ يَمِينٍ فَلَوْ اشْتَرَاهُ كَانَ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إلَّا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي عَبْدًا أَبِيعُهُ أَوْ أَسْتَخْدِمُهُ أَوْ جَارِيَةً أَطَؤُهَا وَلَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ وَضَمِنَ إنْ فَعَلَ وَالْمُرَادُ مِنْ الرِّبْحِ هُنَا أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي جُمْلَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَالُ أَلْفًا فَاشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ فَأَعْتَقَهُمَا الْمُضَارِبُ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْمُضَارِبِ فَإِنْ يَظْهَرُ فِي الْجُمْلَةِ رِبْحٌ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحَّ وَضَمِنَ نَصِيبَ الْمُضَارِبِ مِنْهُمَا وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ جَازَ شِرَاؤُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ فَإِنْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ وَلَمْ يَضْمَنْ لِرَبِّ الْمَالِ وَسَعَى الْمُعْتَقُ فِي قِيمَةِ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ اشْتَرَى الشَّرِيكُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى شَرِيكِهِ أَوْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الصَّغِيرِ نَفَذَ عَلَى الْعَاقِدِ وَالْمَأْذُونُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ وَإِلَّا لَا فَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ وَاشْتَرَى بِهَا جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ فَوَطِئَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ ثُمَّ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْغُلَامِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ نَفَذَتْ دَعْوَةُ الْمُضَارِبِ فِيهِ لِظُهُورِ الرِّبْحِ فِيهِ وَقَبِلَهُ لَا لِعَدَمِ ظُهُورِهِ إذْ قِيمَةُ كُلٍّ لَا تَزِيدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَزِمَهُ عُقْرُهَا لِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا وَيَكُونُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَتَقَ الْوَلَدُ ثُمَّ ظَهَرَتْ الزِّيَادَةُ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ السَّابِقُ لِأَنَّهُ إنْشَاءٌ فَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمِلْكِ وَقْتَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ الْغَيْرِ ثُمَّ مَلَكَهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ أَمَّا الدَّعْوَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ فِي الْبَعْضِ) أَيْ إلَى الْوِفَاقِ فِي بَعْضِ الْمَالِ كَانَ مُضَارَبَةً فِيهِ أَيْ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فَإِنْ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ ثُمَّ اشْتَرَى بِمَا بَقِيَ مِنْهُ فِي الْكُوفَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِيمَا اشْتَرَى بِغَيْرِ الْكُوفَةِ وَمَا اشْتَرَى بِالْكُوفَةِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ دَلِيلَ الْخِلَافِ وُجِدَ فِي بَعْضِهِ دُونَ بَعْضِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي
الصفحة 265
316