كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 7)
فَلَمْ يَأْخُذْهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ جَدِيدٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا ضَمِنَ لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ الرَّدَّ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَلَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ ادَّعَى رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ جُحُودِهِ وَقَالَ غَلِطْت فِي الْجُحُودِ أَوْ نَسِيت أَوْ ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْته فَأَنَا صَادِقٌ فِي قَوْلِي لَمْ يَسْتَوْدِعْنِي ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ يُصَدَّقُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ لَوْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بَلَى قَدْ دَفَعْت إلَيَّ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْمَالِ كَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَبَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ وَإِنْ جَحَدَ ثُمَّ اشْتَرَى ثُمَّ أَقَرَّ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالْمَتَاعُ لَهُ.
وَكَذَا الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِأَلْفٍ وَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا فَاشْتَرَاهُ فِي حَالِ الْجُحُودِ أَوْ بَعْدَمَا أَقَرَّ فَهُوَ لِلْآمِرِ وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَ الْمَأْمُورُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ فَبَاعَهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ جَازَ وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ لَوْ بَاعَ بَعْدَ الْجُحُودِ ثُمَّ أَقَرَّ جَازَ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان مِنْ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُودَعُ بِالْجُحُودِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِيدَاعِ لَا يَوْمَ الْجُحُودِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ أَوْدَعَ رَجُلًا عَبْدًا فَجَحَدَهُ الْمُودِعُ فَمَاتَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ وَلَكِنَّ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ كَذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا عِنْدَ عَدَمِ النَّهْيِ وَالْخَوْفِ) أَيْ لِلْمُودَعِ أَنْ يُسَافِرَ الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يَنْهَهُ الْمُودِعُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا بِالْإِخْرَاجِ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُطْلَقٌ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَكَانِ كَمَا لَا يَتَقَيَّدُ بِالزَّمَانِ قَيَّدَ بِعَدَمِ النَّهْيِ لِأَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ عَنْ السَّفَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَقَيَّدَ بِعَدَمِ الْخَوْفِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَوْ كَانَ مُخِيفًا وَلَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْهُ إنْ سَافَرَ بِأَهْلِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ سَافَرَ بِنَفْسِهِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَمِنْ الْمَخُوفِ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْعَطَبُ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فَشَمِلَ مَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ طَالَ الْخُرُوجُ أَوْ قَصُرَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ الطَّعَامَ الْكَثِيرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا سَافَرَ بِهِ اسْتِحْسَانًا وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلِلْمُودَعِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَقَيَّدَ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا سَافَرَ بِمَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ إنْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِمَكَانٍ بِأَنْ قَالَ بِعْهُ بِالْكُوفَةِ فَأَخْرَجَهَا مِنْ الْكُوفَةِ يَصِيرُ ضَامِنًا عِنْدَنَا وَإِنْ أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ فَسَافَرَ بِهِ إنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا عِنْدَنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ طَالَ الْخُرُوجُ أَمْ قَصُرَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ ضَامِنًا طَالَ الْخُرُوجُ أَمْ قَصُرَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ طَالَ الْخُرُوجُ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ قَصُرَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْدَعَا شَيْئًا لَمْ يَدْفَعْ الْمُودِعُ إلَى أَحَدِهِمَا حَظَّهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْآخَرُ) يَعْنِي فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْقِيَمِ، وَخِلَافُهُمَا فِي الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُودَعَ لَا يَمْلِكُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمَا فَكَانَ تَعَدِّيًا عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَفِي الدَّيْنِ يُطَالِبُهُ بِتَسْلِيمِ حَقِّهِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَكَانَ تَصَرُّفًا فِي مَالِ نَفْسِهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَدْفَعْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ خَاصَمَهُ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَأْمُرْهُ بِدَفْعِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ لَا يَكُونُ قِسْمَةً اتِّفَاقًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي رَجَعَ صَاحِبُهُ عَلَى الْآخِذِ بِحِصَّتِهِ وَإِلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا إذَا ظَفِرَ بِهَا وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ وَارْتَكَبَ الْمَمْنُوعَ لَا يَضْمَنُ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان مَا يُفِيدُهُ وَلَفْظُهُ ثَلَاثَةٌ أَوْدَعُوا رَجُلًا مَالًا وَقَالُوا لَا تَدْفَعْ الْمَالَ إلَى أَحَدٍ مِنَّا حَتَّى يَجْتَمِعَ فَدَفَعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْقِيَاسِ يَكُونُ ضَامِنًا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اهـ.
فَقَدْ جَعَلَ عَدَمَ الضَّمَانِ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ فَكَانَ هُوَ الْمُخْتَارُ
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْدَعَ رَجُلٌ عِنْدَ رَجُلَيْنِ مِمَّا يُقَسَّمُ اقْتَسَمَاهُ وَحَفِظَ كُلٌّ نِصْفَهُ وَلَوْ دَفَعَهُ إلَى الْآخَرِ ضَمِنَ بِخِلَافِ مَا لَا يُقَسَّمُ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَحْفَظَ بِإِذْنِ الْآخَرِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمَا وَلَهُ إنَّمَا رَضِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ) عِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ تَسْتَوْدِعْنِي هَكَذَا وَفِي الْأَقْضِيَةِ لَوْ قَالَ لَمْ يَسْتَوْدِعْنِي ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقْ فَفِي عِبَارَتِهِ سَقْطٌ.
(قَوْلُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ ثُمَّ أَقَامَ الْمُودِعُ بَيِّنَةً عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ الْجُحُودِ يُقْضَى بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْجُحُودِ يُقْضَى بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْإِيدَاعِ يَعْنِي إذَا أَثْبَتَ الْوَدِيعَةَ كَذَا ذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ وَتَمَامُ هَذَا يُنْظَرُ فِي وَدِيعَةِ الذَّخِيرَةِ. اهـ.
وَكَتَبَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَلَى هَامِشِ الْمِنَحِ أَنَّ فِيمَا نُقِلَ مِنْ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ سَقْطًا وَأَنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ قَضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْجُحُودِ فَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجُحُودِ لَكِنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيدَاعِ كَذَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ
الصفحة 278
316