كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 7)

بَيْتِ صَاحِبِ الطَّعَامِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ كَانَ يَخْبِزُ فِي بَيْتِ الْخَبَّازِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سُرِقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ خِلَافًا لَهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَهُ فَاحْتَرَقَ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ صَارَ مُسَلَّمًا بِالْوَضْعِ فِي بَيْتِهِ فَاسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ جِنَايَةٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخُبْزُ فِي غَيْرِ بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَاحْتَرَقَ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ دَقِيقًا مِثْلَ دَقِيقِهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْخُبْزِ وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْحَطَبِ وَالْمِلْحِ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ احْتَرَقَ عُقَيْبَ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ إذَا احْتَرَقَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ مِمَّا جَنَتْهُ يَدَاهُ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْقَلْعِ مِنْ التَّنُّورِ فَإِنْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَخْبُوزًا أَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَإِنْ ضَمَّنَهُ دَقِيقًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَجْرُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ

(قَوْلُهُ وَلِلطَّبَّاخِ بَعْدَ الْغَرْفِ) أَيْ بَعْدَ وَضْعِ الطَّعَامِ فِي الْقِصَاعِ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ كُلَّ طَعَامٍ كَمَا أَطْلَقَهُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَقَيَّدَهُ الْقُدُورِيُّ بِأَنْ يَكُونَ طَعَامَ الْوَلِيمَةِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إذْ لَوْ كَانَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ فَلَا غَرْفَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْهُ الْمُصَنِّفُ بِهِ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْأَطْعِمَةِ فَإِنَّ الْوَلِيمَةَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْوَكِيرَةَ طَعَامُ الْبِنَاءِ وَالْخَرَسَ طَعَامُ الْوِلَادَةِ وَمَا تُطْعِمُ النُّفَسَاءُ نَفْسَهَا خُرْسَةً وَطَعَامَ الْخِتَانِ إعْذَارٌ وَطَعَامَ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرِهِ نَقِيعَةٌ وَكُلَّ طَعَامٍ صُنِعَ لِدَعْوَةٍ مَأْدُبَةٌ وَمَادِّيَّةٌ جَمِيعًا وَيُقَالُ فُلَانٌ يَدْعُو النَّقْرِيُّ إذَا خُصَّ وَفُلَانٌ يَدْعُو الْجَفْلَيْ وَإِلَّا جَفْلًا إذَا عَمَّ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الْقُتَبِيِّ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ طَعَامُ أَهْلِ بَيْتِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَبَّاخٍ وَإِنْ أَفْسَدَ الطَّبَّاخُ الطَّعَامَ أَوْ أَحْرَقَهُ أَوْ لَمْ يُنْضِجْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِذَا دَخَلَ الْخَبَّازُ أَوْ الطَّبَّاخُ بِنَارٍ لِيَخْبِزَ بِهَا أَوْ يَطْبُخَ بِهَا فَوَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ فَاحْتَرَقَ بِهَا الْبَيْتُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى الْعَمَلِ إلَّا بِإِدْخَالِ النَّارِ وَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ إذَا احْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ السُّكَّانِ فِي الدَّارِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي هَذَا السَّبَبِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ

(قَوْلُهُ وَلِلَّبَّانِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ) يَعْنِي مَنْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيَضْرِبَ لَهُ لَبَنًا اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ إذَا أَقَامَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَسْتَحِقُّهَا حَتَّى يُشَرِّجَهُ لِأَنَّ التَّشْرِيجَ مِنْ تَمَامِ عَمَلِهِ إذْ لَا يُؤْمَنُ مِنْ الْفَسَادِ قَبْلَهُ فَصَارَ كَالْإِخْرَاجِ مِنْ التَّنُّورِ وَلَهُ أَنَّ الْعَمَلَ قَدْ تَمَّ بِالْإِقَامَةِ وَالتَّشْرِيجُ عَمَلٌ زَائِدٌ كَالنَّقْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلَ التَّشْرِيجِ بِالنَّقْلِ إلَى مَوْضِعِ الْعَمَلِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ طِينٌ مُنْتَشِرٌ وَبِخِلَافِ الْخَبْزِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا تَلِفَ اللَّبَنُ قَبْلَ التَّشْرِيجِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْأَجِيرِ وَأَمَّا إذَا أُتْلِفَ قَبْلَ الْإِقَامَةِ فَلَا أُجْرَةَ إجْمَاعًا وَمُرَادُهُ مَا إذَا كَانَ ضَرَبَ اللَّبَنَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الْأَجِيرِ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا بِتَسْلِيمَةِ وَهُوَ بِالْعَدِّ بَعْدَ الْإِقَامَةِ عِنْدَهُ وَبِالْعَدِّ بَعْدَ التَّشْرِيجِ عِنْدَهُمَا كَذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُسْتَصْفَى فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَجْرُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ مَنْصُوبًا عِنْدَهُ وَمُشَرَّجًا عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَالْمَبْسُوطِ اهـ.
فَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعَدَّ وَهُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ بِغَيْرِ عَدٍّ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ كَمَا لَا يَخْفَى وَالْإِقَامَةُ النِّصْفُ بَعْدَ الْجَفَافِ وَالتَّشْرِيجِ أَنْ يُرَكِّبَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ بَعْدَ الْجَفَافِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَالظَّهِيرِيَّةِ الْمَلْبَنُ عَلَى اللَّبَّانِ وَالتُّرَابُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِدْخَالُ الْحِمْلِ الْمَنْزِلَ عَلَى الْحَمَّالِ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْعَدَ بِهِ عَلَى السَّطْحِ أَوْ الْغَرْفَةِ إلَّا أَنَّهُ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ صَبُّ الطَّعَامِ فِي الْجَفْنَةِ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا بِشَرْطٍ وَلَوْ تَكَارَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا صَاحِبُ الدَّابَّةِ الْحِمْلَ فَإِنْزَالُ الْحِمْلِ عَنْ الدَّابَّةِ يَكُونُ عَلَى الْمُكَارِي وَإِدْخَالُ الْحِمْلِ فِي الْمَنْزِلِ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ ذَلِكَ عُرْفًا لَهُمْ وَفِي اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ الْحِمْلُ وَالْإِكَافُ يَكُونُ عَلَى الْمُكَارِي وَكَذَلِكَ الْحِبَالُ وَالْجُوَالِقُ وَالْحَبْرُ عَلَى الْكَاتِبِ وَاشْتِرَاطُ الْوَرَقِ عَلَيْهِ فَاسِدٌ اهـ

(قَوْلُهُ وَمَنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ يَحْبِسُهُمَا لِلْأَجْرِ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ قَائِمٌ فِي الثَّوْبِ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخَبْزُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَاحْتَرَقَ إلَخْ) أَقُولُ: فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَشُرُوحِهِ أَطْلَقُوا الْجَوَابَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْخِلَافَ فَعَنْ هَذَا قَالُوا الْجَوَابُ مُجْرًى عَلَى عُمُومِهِ فَعِنْدَهُ لَا ضَمَانَ مِنْ صُنْعِهِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ الْقُدُورِيُّ بِرِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ وَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ التَّنُّورِ فَوَضَعَهُ وَهُوَ يَخْبِزُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ فَرَغَ فَإِنْ احْتَرَقَ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ فَلَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فَالْكَلَامُ فِي الْخَبْزِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا فِي غَيْرِ بَيْتِهِ تَأَمَّلْ

الصفحة 302