كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 7)

إذَا لَمْ يَرْكَبْ مَوْضِعَ الْحَمْلِ بَلْ يَكُونُ رُكُوبُهُ فِي مَوْضِعٍ وَالْحَمْلُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَمَّا إذَا رَكِبَ عَلَى مَوْضِعِ الْحَمْلِ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ خواهر زاده

(قَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ عَلَى الْحِمْلِ الْمُسَمَّى مَا زَادَ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ مَا زَادَ الثِّقَلُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ مِائَةَ مَنٍّ وَزَادَ عَلَيْهِ عِشْرِينَ مَنًّا يَضْمَنُ سُدُسَ الدَّابَّةِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ هُوَ الَّذِي حَمَّلَهَا أَمَّا إذَا حَمَّلَهَا صَاحِبُهَا بِيَدِهِ وَحْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ اسْتَكْرَى إبِلًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ بَعِيرٍ مِائَةَ رِطْلٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَخَمْسِينَ رِطْلًا إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثُمَّ أَتَى الْجَمَّالُ بِإِبِلِهِ وَأَخْبَرَهُ الْمُسْتَكْرِي أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ حَمْلٍ إلَّا مِائَةَ رِطْلٍ فَحَمَلَ الْجَمَّالُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَدْ عَطِبَتْ بَعْضُ الْإِبِلِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَكْرِي لِأَنَّ صَاحِبَ الْجَمَلِ هُوَ الَّذِي حَمَّلَ فَيُقَالُ لَهُ كَانَ يَنْبَغِي لَك أَنْ تَزِنَ أَوَّلًا. اهـ.
وَإِنْ حَمَّلَاهُ مَعًا وَجَبَ النِّصْفُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ حَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ جَوْلَقًا وَحْدَهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيُجْعَلُ حَمْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِأَنْ تُطِيقَ الدَّابَّةُ مِثْلَهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُطِيقُ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَأَشَارَ بِالزِّيَادَةِ إلَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَلَوْ حَمَّلَ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ الْمُسَمَّى وَجَبَ جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَأَشَارَ بِهَا إلَى أَنَّهُ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ مَعَ الْمُسَمَّى مَعًا فَلَوْ حَمَلَ الْمُسَمَّى وَحْدَهُ ثُمَّ حَمَّلَ الزِّيَادَةَ وَحْدَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِلْأَجْرِ إذَا هَلَكَ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ كَامِلًا. اهـ.
وَلَا يُقَالُ كَيْفَ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَجْرُ فِي مُقَابَلَةِ الْحَمْلِ الْمُسَمَّى وَالضَّمَانُ فِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ وَكَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَجْرِ إذَا سُلِّمَتْ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي أَنْ يَجِبَ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَأَمَّا إنْ حَمَّلَهُ الْجَمَّالُ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ فَلَا كَلَامَ وَأَمَّا إذَا حَمَّلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى فَمَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْمُكَارِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسَمَّى إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَرَى الْمُكَارِي جَمِيعَ مَا يَحْمِلُهُ

(قَوْلُهُ وَبِالضَّرْبِ وَالْكَبْحِ) أَيْ يَضْمَنُ بِهِمَا إذَا هَلَكَتْ وَفِي الْمُغْرِبِ كَبْحُ الدَّابَّةِ بِاللِّجَامِ إذَا رَدَّهَا وَهُوَ أَنْ يَجْذِبَهَا إلَى نَفْسِهِ لِتَقِفَ وَلَا تَجْرِي وَقَالَا لَا يَضْمَنُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا مُتَعَارَفًا لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْعَقْدِ فَكَانَ حَاصِلًا بِإِذْنِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِذْنَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ إذْ يَتَحَقَّقُ السَّوْقُ بِدُونِهِ وَإِنَّمَا هُمَا لِلْمُبَالَغَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ قَيَّدَ بِالضَّرْبِ وَالْكَبْحِ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّوْقِ اتِّفَاقًا وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الضَّرْبَ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ الْعُرْفِيِّ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنَّ ضَرْبَهُ لِلدَّابَّةِ يَكُونُ تَعَدِّيًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهُ وَيَضْمَنُ بِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ وَيُنْهَى لِفَهْمِهِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الضَّرْبِ وَلِلسَّيِّدِ ضَرْبُ عَبْدِهِ تَأْدِيبًا وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ ضَرْبُ الصَّغِيرِ لِلتَّأْدِيبِ لَكِنْ مُقَيَّدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ حَتَّى يَضْمَنَانِ لَوْ هَلَكَ بِضَرْبِهِمَا لِأَنَّ التَّأْدِيبَ قَدْ يَقَعُ بِالزَّجْرِ وَالتَّعْرِيكِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ التَّتِمَّةِ.
الْأَصَحُّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا وَالْمُعَلِّمُ وَالْأُسْتَاذُ لَيْسَ لَهُمَا ضَرْبُ الصَّغِيرِ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ فَإِنْ مَاتَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إذَا كَانَ بِإِذْنٍ وَإِلَّا ضَمِنَا وَأَمَّا ضَرْبُهُ دَابَّةَ نَفْسِهِ فَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْرِبُهَا أَصْلًا وَلَوْ كَانَتْ مِلْكَهُ وَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَا يُسْتَعْمَلُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ ثُمَّ قَالَ لَا يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلتَّأْدِيبِ وَيُخَاصَمُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ ضَرْبُ أُخْتِهَا الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ بِتَرْكِ الصَّلَوَاتِ إذَا بَلَغَتْ عَشْرًا ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَ الْيَتِيمَ فِيمَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ بِهِ وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ وَفِي الرَّوْضَةِ لَهُ أَنْ يُكْرِهَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَالْأَدَبِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ عَلَى الْوَالِدَيْنِ وَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِضَرْبِ عَبْدِهِ حَلَّ لِلْمَأْمُورِ ضَرْبُ عَبْدِهِ بِخِلَافِ الْحُرِّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ضَرْبِ وَلَدِ الْآمِرِ بِأَمْرِهِ بِخِلَافِ الْمُعَلِّمِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِضَرْبِهِ نِيَابَةٌ عَنْ الْأَبِ لِمَصْلَحَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَمَلَاهُ مَعًا وَجَبَ النِّصْفُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) نَقَلَ بُعْدَهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ النِّصْفَ مَأْذُونٌ فِيهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَبِحَمْلِهِ يَضْمَنُ نِصْفَ هَذَا النِّصْفِ وَنَقَلَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَنَقَلَهُ فِي حَاشِيَةِ الشَّلَبِيِّ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ عَنْهُمَا أَيْضًا وَفِي حَاشِيَةِ سَرِيِّ الدِّينِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْمَبْسُوطِ اهـ.
قُلْت وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الذَّخِيرَةِ فَلْيُرَاجَعْ الْمُحِيطِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مُحَرَّفٌ أَوْ الْمُرَادُ نِصْفُ الزَّائِدِ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَنْ يَحْمِلَ عَشَرَةً فَجُعِلَ عِشْرِينَ وَحَمَلَا مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِأَنَّ النِّصْفَ مَأْذُونٌ وَالنِّصْفُ لَا فَيَنْتَصِفُ هَذَا النِّصْفُ وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ) أَيْ كَلَامَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ إذَا هَلَكَ) أَيْ إذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ الْمُسْتَأْجَرُ

الصفحة 309