كتاب البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (اسم الجزء: 7)

بِاللِّجَامِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ

(قَوْلُهُ وَسُلُوكُ طَرِيقٍ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ وَتَفَاوَتَا) أَيْ يَجِبُ الضَّمَانُ إذَا عَيَّنَ لِلْمُكَارِي طَرِيقًا أَوْ لِمُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةِ طَرِيقًا وَسَلَكَ غَيْرَهُ وَكَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بِأَنْ كَانَ الْمَسْلُوكُ أَبْعَدَ أَوْ أَوْعَرَ أَوْ أَخْوَفَ بِحَيْثُ لَا يُسْلَكُ لِصِحَّةِ التَّقْيِيدِ لِكَوْنِهِ مُفِيدًا وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يُسْلَكُ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا لَوْ تَسَاوَيَا لَا ضَمَانَ وَقَيَّدَ بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ لَا ضَمَانَ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْحَمَّالُ إذَا نَزَلَ فِي مَفَازَةٍ وَتَهَيَّأَ لَهُ الِانْتِقَالُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ حَتَّى فَسَدَ الْمَتَاعُ بِمَطَرٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ وَالْمَطَرُ غَالِبًا

(قَوْلُهُ وَحَمْلُهُ فِي الْبَحْرِ الْكُلَّ) أَيْ يَضْمَنُ بِحَمْلِهِ فِي الْبَحْرِ إذَا قَيَّدَ بِالْبَرِّ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ مُفِيدٌ بِخَطَرِ الْبَحْرِ وَبِنُدْرَةِ السَّلَامَةِ فِيهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مِمَّا يَسْلُكُهُ النَّاسُ أَوْ لَا قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ قَيَّدَ بِالْبَرِّ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ لَا ضَمَانَ

(قَوْلُهُ وَإِنْ بَلَغَ فَلَهُ الْأَجْرُ) قَالَ الْأَتْقَانِيِّ السَّمَّاعُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ وَإِنْ بَلَّغَ الْحَمَّالُ الْمَتَاعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ وَيَجُوزُ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى إسْنَادِ الْفِعْلِ إلَى الْمَتَاعِ أَيْ إذَا بَلَغَ الْمَتَاعُ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْأَجْرُ لِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْأَجْرِ وَالضَّمَانِ لِأَنَّهُمَا فِي حَالَتَيْنِ

(قَوْلُهُ وَبِزَرْعِ رُطَبَةٍ وَأَذِنَ بِالْبُرِّ مَا نَقَصَ وَلَا أَجْرَ) أَيْ ضَمِنَ مَا نَقَصَ مِنْ الْأَرْضِ إذَا زَرْع رُطَبَةً وَقَدْ أَذِنَ لَهُ بِزَرْعِ الْحِنْطَةِ لِأَنَّ الرِّطَابَ أَكْثَرُ ضَرَرًا بِالْأَرْضِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَلَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ مَا زَرَعَهُ أَشَدُّ ضَرَرًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَنْقَصُ ضَرَرًا لَا ضَمَانَ وَيَجِبُ الْأَجْرُ

(قَوْلُهُ وَبِخِيَاطَةِ قَبَاءٍ وَأَمَرَ بِقَمِيصٍ قِيمَةُ ثَوْبِهِ وَلَهُ أَخْذُ الْقَبَاءِ وَدَفْعُ أَجْرِ مِثْلِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُشْبِهُ الْقَمِيصَ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ الْأَتْرَاكِ يَسْتَعْمِلُونَهُ اسْتِعْمَالَ الْقَمِيصِ كَانَ مُوَافِقًا مِنْ وَجْهٍ مُخَالِفًا مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جَانِبِ الْوِفَاقِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ وَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جَانِبِ الْخِلَافِ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ وَإِنَّمَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ دُونَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ صَاحِبَهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالْمُسَمَّى عِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَمْ يَحْصُلْ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ يُسْتَعْمَلُ اسْتِعْمَالَ الْقَمِيصِ وَمَا إذَا شَقَّهُ وَجَعَلَهُ قَبَاءً خِلَافًا لِلْإِسْبِيجَابِيِّ فِي الثَّانِي حَيْثُ أَوْجَبَ فِيهِ الضَّمَانَ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَسَيَأْتِي أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَأْمُورِ بِهِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْقَبَاءِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ خَاطَهُ سَرَاوِيلَ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالْقَبَاءِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالصَّبَّاغُ إذَا خَالَفَ فَصَبَغَ الْأَصْفَرَ مَكَانَ الْأَحْمَرِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ صَبَغَ رَدِيئًا إنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِحَيْثُ يَقُولُ أَهْلُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ أَنَّهُ فَاحِشٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ وَفِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ثَوْبًا وَقَالَ لَهُ اقْطَعْهُ حَتَّى يُصِيبَ الْقَدَمَ وَكُمُّهُ خَمْسَةُ أَشْبَارٍ وَعَرْضُهُ كَذَا فَجَاءَ بِهِ نَاقِصًا إنْ كَانَ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ يَضْمَنُهُ وَفِيهَا أَيْضًا وَلَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ اُنْظُرْ إلَى هَذَا الثَّوْبِ إنْ كَفَانِي قَمِيصًا قَطِّعْهُ بِدِرْهَمٍ وَخَيِّطْهُ ثُمَّ قَالَ أَنَّهُ لَا يَكْفِيك يَضْمَنُ الثَّوْبَ وَلَوْ قَالَ اُنْظُرْ أَيَكْفِينِي قَمِيصًا فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ اقْطَعْهُ ثُمَّ قَالَ لَا يَكْفِيك لَا يَضْمَنُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]
(قَوْلُهُ بَابُ الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةِ)
وَهِيَ كُلُّ عَقْدٍ كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ وَبَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ هُنَا فَرْقٌ أَيْضًا فَإِنَّ الْبَاطِلَ مَا لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ أَصْلًا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ بِالِاسْتِعْمَالِ أَجْرٌ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ بِهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَقَائِقِ شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ فِي مَسْأَلَةِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ وَهَكَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَكِنْ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ فَرْقٌ فَإِنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْبَيْعِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَالْفَاسِدَ مِنْ الْإِجَارَةِ لَا يُمَلِّكُ الْمَنَافِعَ بِالْقَبْضِ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا وَلَوْ أَجَرَهَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَلِلْآجِرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَنْقُضَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ يُفْسِدُ الْإِجَارَةُ الشَّرْطُ) أَيْ الشُّرُوطُ الْمَعْهُودَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لَا كُلُّ شَرْطٍ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَلَّى بِدُرِّ الْفَضْلِ عَاطِلَ نَحْرِنَا ... فَفُقْنَا عَلَى الْحَسْنَاءِ فِي حِلْيَةِ النَّحْرِ
فَلَا زَالَ فِينَا مُشْرِقَ الْوَجْهِ ذَا سَنًا ... يَلُوحُ عَلَى الْأَكْوَانِ أَشْرَقَ مِنْ بَدْرِ
مَدَى الدَّهْرِ مَا غَنَّى الْهَزَارُ مُرَنِّمًا ... مَا جَدَّدَتْ أَفْرَاحُنَا خَتْمَةَ الْبَحْرِ
وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ رَبِيعٍ الثَّانِي سَنَةَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَنَا الْفَقِيرُ إلَيْهِ تَعَالَى أَقَلُّ عَبِيدِهِ وَأَحْوَجُهُمْ إلَى تَأْيِيدِهِ وَتَسْدِيدِهِ مُحَمَّد أَمِين بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الشَّهِيرُ بِابْنِ عَابِدِينَ عَفَى اللَّهُ عَنْهُ آمِينَ

الصفحة 311