كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنَ الدَّلِيلِ الْإِجْمَالِيِّ ; لِأَنَّ الصُّغْرَى فِي كُلِّ قِيَاسٍ مُغَايِرَةٌ لِلصُّغْرَى فِي الْآخَرِ ; لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ - وَهُوَ قَوْلُنَا " مَظْنُونٌ " - فِي كُلٍّ مِنْهَا يُغَايِرُ الْمَحْكُومَ بِهِ فِي الْآخَرِ ; لِأَنَّ ظَنَّ كُلِّ حُكْمٍ مُسْتَفَادٌ عَنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ بِهِ، فَيَكُونُ مُغَايِرًا لِلظَّنِّ الْحَاصِلِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ. وَتَغَايُرُ الظَّنِّ يُوجِبُ تَغَايُرَ الْمَظْنُونِ مِنْ حَيْثُ مَظْنُونٌ.
أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ التَّغَايُرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ غَيْرُ كَافٍ فِي كَوْنِ الدَّلِيلِ تَفْصِيلِيًّا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَوْلَنَا: " كُلُّ مَا هُوَ مَظْنُونٌ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ " قَطْعِيٌّ.
قَوْلُهُ: لِلْإِجْمَاعِ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ يُفِيدُ الْقَطْعُ ; لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ، وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الظَّنِّيِّ ظَنِّيٌّ.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ أَدِلَّةَ الْإِجْمَاعِ قَطْعِيَّةٌ، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ بَلَغَ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ، حَتَّى يُفِيدَ الْقَطْعَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي بَيَانِ قَطْعِيَّتِهِ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِوَاحِدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، يَلْزَمُ رَفْعُ النَّقِيضَيْنِ فِي الْوَاقِعِ ; لِجَوَازِ أَنْ لَا يُعْمَلَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ، مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِهِمَا.

الصفحة 25