كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَلَعَلَّ هَذَا الشَّارِحَ إِذَا لَاحَظَ قَوْلَهُ: " إِذِ الْمُرَادُ بِبَدَاهَةِ التَّصْدِيقِ أَنَّ الْعِلْمَ بِانْتِسَابِ طَرَفَيْهِ حَصَلَ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ " وَتَفَكَّرَ فِي تَفْسِيرِهِ الْبَدَاهَةَ، لَمْ يَجِدْ هَذَا الْجَوَابَ كَمَا يَنْبَغِي ; لِأَنَّ الْعِلْمَ بِبَدَاهَةِ التَّصْدِيقِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَرَّرَهُ عِلْمٌ بِعِلْمٍ خَاصٍّ، وَالْعِلْمُ بِالْعِلْمِ الْخَاصِّ مُسْتَلْزِمٌ لِلْعِلْمِ بِالْعِلْمِ الْمُطْلَقِ. فَحُصُولُ الْعِلْمِ بِبَدَاهَةِ التَّصْدِيقِ يَسْتَدْعِي تَصَوُّرَ الْعِلْمِ.
بَلِ الْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تَصَوُّرَ مُطْلَقِ الْعِلْمِ لَوْ كَانَ بِالْكَسْبِ، يَلْزَمُ كَسَبِيَّةَ التَّصْدِيقِ.
قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّصْدِيقَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُطْلَقِ الْعِلْمِ، وَمُطْلَقُ الْعِلْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْكَسْبِ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعِلْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْكَسْبِ، بَلْ تَصَوُّرُ مُطْلَقِ الْعِلْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْكَسْبِ، وَالتَّصْدِيقُ الْبَدِيهِيُّ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ تَصَوُّرُهُ أَوْ تَقَدُّمُ تَصَوُّرِهِ.
ش - لَمَّا أَبْطَلَ الدَّلِيلَيْنِ اسْتَدَلَّ عَلَى امْتِنَاعِ كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا، وَبَنَى عَلَى تَعْرِيفِهِ التَّصَوُّرَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُهُ تَصَوُّرٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ التَّرْكِيبِ فِي مُتَعَلِّقِهِ. فَقَالَ: " لَوْ كَانَ الْعِلْمُ ضَرُورِيًّا، لَكَانَ بَسِيطًا " وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.

الصفحة 45