كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَيُسَمِّي الْمَنْطِقِيُّونَ الْأَوَّلَ: تُصَوُّرًا. وَالثَّانِي: تَصْدِيقًا. وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ سَمَّى الْأَوَّلَ: مَعْرِفَةً، وَالثَّانِيَ: عِلْمًا، تَأَسِّيًا بِقَوْلِ النُّحَاةِ: إِنَّ الْمَعْرِفَةَ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَالْعِلْمَ إِلَى مَفْعُولَيْنِ.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: النِّسْبَةُ: الْحُكْمُ، وَالْمُفْرَدُ: مَا لَيْسَ بِحُكْمٍ. وَالْعِلْمُ بِمَا لَيْسَ بِحُكْمٍ، يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْعِلْمُ بِنَفْسِ النِّسْبَةِ وَحَقِيقَتِهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَعِلْمٌ تَعَلَّقَ بِالْحُكْمِ، لَا بِحَقِيقَةٍ، بَلْ بِحُصُولِهِ هُوَ: التَّصْدِيقُ. وَالتَّصْدِيقُ لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ; إِذِ التَّصْدِيقُ قِسْمٌ مِنَ الْعِلْمِ، وَالْحُكْمُ لَيْسَ بِقِسْمٍ مِنْهُ، وَتَوَقُّفُهُ عَلَيْهِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قِسْمًا مِنْهُ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَوَقُّفَ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ.
وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يَخْلُو عَنْ خَبْطٍ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعِلْمَ بِحُصُولِ الْحُكْمِ: تَصْدِيقًا، لَا الْحُكْمَ نَفْسَهُ، وَالنِّسْبَةَ: حُكْمًا.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الْعِلْمَ بِحُصُولِ الْحُكْمِ إِنْ كَانَ تَصَوُّرَ حُصُولِ الْحُكْمِ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّصْدِيقُ تَصَوُّرًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلْيُبَيَّنَ لِيُتَصَوَّرَ مَعْنَاهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُتَكَلَّمَ عَلَيْهِ ثَانِيًا.
وَأَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ خَارِجًا عَنِ التَّصْدِيقِ ; لِأَنَّ الْمَعْلُومَ

الصفحة 56