كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
خَارِجٌ عَنِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْحُكْمَ خَارِجٌ عَنِ التَّصْدِيقِ، بَلِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ نَفْسُ التَّصْدِيقِ أَوْ دَاخِلٌ فِيهِ.
وَأَيْضًا التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ اللُّغَوِيَّانِ يَعْرِضَانِ لِحُصُولِ الْحُكْمِ، لَا لِلْعِلْمِ بِهِ. فَتَسْمِيَةُ الْحُكْمِ بِالتَّصْدِيقِ أَوْلَى مِنْهُ.
فَإِنْ قِيلَ: الْعِلْمُ مِنْ مَقُولَةِ أَنْ يَنْفَعِلَ، وَالْحُكْمُ أَعْنِي الْإِيقَاعَ وَالِانْتِزَاعَ مِنْ مَقُولَةِ أَنْ يَفْعَلَ، فَكَيْفَ يَصِحُّ تَقْسِيمُهُ إِلَى التَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ، وَإِلَى التَّصَوُّرِ.
قُلْتُ: لَا مَحِيصَ عَنْ هَذَا إِلَّآ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يُقَسَّمَ الْعِلْمُ إِلَى التَّصَوُّرِ وَإِلَى التَّصْدِيقِ، بَلْ إِلَى التَّصَوُّرِ السَّاذَجِ، وَإِلَى التَّصَوُّرِ مَعَ التَّصْدِيقِ، كَمَا فَعَلَهُ الشَّيْخُ فِي الْإِشَارَاتِ، حَيْثُ قَالَ: فَكَمَا أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُعْلَمُ تَصَوُّرًا سَاذَجًا، فَكَذَلِكَ قَدْ يُعْلَمُ تَصَوُّرًا مَعَهُ تَصْدِيقٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّ تَفْسِيرَ الْعِلْمِ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْإِدْرَاكِ، إِنْ قُسِّمَ إِلَى التَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنْ يُقَالَ:

الصفحة 57