كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْخَبَرَ يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ، لِأَنَّ الرَّاوِيَ لَيْسَ مَعْصُومًا عَنِ الْكَذِبِ. وَيُحْتَمَلُ كُفْرُ أَحَدِ الرُّوَاةِ وَفِسْقُهُ. وَأَيْضًا يُحْتَمَلُ الْخَطَأُ، لِجَوَازِ ذُهُولِ أَحَدِ الرُّوَاةِ. وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا التَّجَوُّزُ وَالنَّسْخُ. بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ شَيْئًا مِنْهَا. فَيَكُونُ الْقِيَاسُ أَقْوَى.
أَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ بَعِيدَةٌ مَعَ ظُهُورِ عَدَالَةِ الرَّاوِي. وَأَيْضًا هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ كَمَا تَتَطَرَّقُ إِلَى الْخَبَرِ، تَتَطَرَّقُ إِلَى الْقِيَاسِ إِذَا كَانَ أَصْلُهُ خَبَرًا.
ش - هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى جَوَابِ دَخَلٍ مُقَدَّرٍ. تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: الْأَدِلَّةُ الَّتِي ذَكَرْتُمُ اقْتَضَتْ تَقْدِيمَ الْخَبَرِ عَلَى الْقِيَاسِ مُطْلَقًا فَكَيْفَ صَحَّ تَقْدِيمُ الْقِيَاسِ عَلَى الْخَبَرِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً بِنَصٍّ رَاجِحٍ عَلَى الْخَبَرِ وَوُجُودُهَا فِي الْفَرْعِ قَطْعِيًّا.
تَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ حَاصِلَ التَّعَارُضِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ، يَرْجِعُ إِلَى تَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ الدَّالِّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْعِلَّةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْحُكْمِ ; إِذِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْفَرْعِ قَطْعًا. فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِالْخَبَرِ الرَّاجِحِ، وَهُوَ الدَّالُّ عَلَى الْعِلَّةِ ; إِذِ التَّقْدِيرُ أَنَّهُ رَاجِحٌ عَلَى الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى الْحُكْمِ.

الصفحة 760