كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْبَلِ الْمُرْسَلُ لَكَانَ لِكَوْنِ الْأَصْلِ غَيْرَ عَدْلٍ عِنْدَ الْمُرْسِلِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ. أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَظَاهِرَةٌ.
وَأَمَّا بُطْلَانُ التَّالِي فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَصْلُ غَيْرَ عَدْلٍ عِنْدَ الْمُرْسِلِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ، لَكَانَ مُدَلِّسًا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمُسْتَمِعِينَ، وَهُوَ يُوجِبُ الْقَدْحَ فِي عَدَالَةِ الرَّاوِي.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَوَّلِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عَدَمَ الْإِنْكَارِ عَلَى قَبُولِ مَرَاسِيلِ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ، بَلْ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ لَا يَرْوُونَ إِلَّا عَنِ الْعُدُولِ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَعَلَى الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي قَبُولَ الْمُرْسَلِ مِنْ كُلِّ عَدْلٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ.
ش - احْتَجَّ الْقَائِلُ بِعَدَمِ قَبُولِ الْمُرْسَلِ مُطْلَقًا بِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ. الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ الْمُرْسَلُ مَقْبُولًا لَقُبِلَ الْخَبَرُ مَعَ الشَّكِّ فِي عَدَالَةِ الرَّاوِي. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمُرْسَلَ لَمْ يَذْكُرِ الْأَصْلَ ; فَلَوْ سُئِلَ عَنْهُ جَازَ أَنْ لَا يُعَدِّلَهُ [فَبَقِيَ] مَشْكُوكَ الْعَدَالَةِ. أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرْسِلَ إِذَا كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ لَا يَعْدِلَ الْأَصْلَ.
الثَّانِي: لَوْ كَانَ الْمُرْسَلُ مَقْبُولًا، لَقُبِلَ فِي عَصْرِنَا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ. بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ عِلَّةَ قَبُولِ الْمُرْسَلِ ظُهُورُ عَدَالَةِ الْمُرْسِلِ، وَظُهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ. وَهَذَا مَعْنًى لَا يَخْتَصُّ بِالْمُرْسِلِينَ فِي غَيْرِ عَصْرِنَا ; لِأَنَّهُ بِعَيْنِهِ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْمُرْسِلِينَ فِي عَصْرِنَا. فَوَجَبَ قَبُولُ الْمُرْسَلِ فِي عَصْرِنَا.
أَجَابَ بِالْفَرْقِ، فَإِنَّ غَلَبَةَ الْخِلَافِ وَكَثْرَةَ الْمَذَاهِبِ فِي عَصْرِنَا يَمْنَعُ قَبُولَ الْمُرْسَلِ فِي عَصْرِنَا. وَلَئِنْ سُلِّمَ عَدَمُ الْفَرْقِ فَلَا نُسَلِّمُ نَفْيَ التَّالِي ; فَإِنَّ مَرَاسِيلَ أَئِمَّةِ

الصفحة 765