كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
[حصول الْحَدُّ بِالْبُرْهَانِ]
ش - أَيْ لَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْبُرْهَانِ عَلَى ثُبُوتِ الْحَدِّ لِلْمَحْدُودِ ; لِأَنَّ الْبُرْهَانَ وَسَطٌ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْمَحْكُومِ بِهِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. فَلَوْ قُدِّرَ الْبُرْهَانُ فِي الْحَدِّ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَلْزِمًا لِثُبُوتِ عَيْنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ، أَيْ مُسْتَلْزِمًا لِثُبُوتِ عَيْنِ الْمَحْدُودِ لِنَفْسِهِ ; لِأَنَّ الْبُرْهَانَ إِذَا كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِثُبُوتِ الْحَدِّ الَّذِي هُوَ جَمِيعُ أَجْزَاءِ الْمَحْدُودِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَحْدُودُ، لَكَانَ مُسْتَلْزِمًا لِثُبُوتِ عَيْنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ.
لِأَنَّ ثُبُوتَ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ إِنَّمَا يَكُونُ بِوَاسِطَةِ أَجْزَائِهِ لَهُ. فَمَا يَكُونُ عِلَّةً لِثُبُوتِ أَجْزَاءِ شَيْءٍ لِشَيْءٍ يَكُونُ عِلَّةً لِثُبُوتِهِ لَهُ، وَمُحَالٌ أَنْ يَتَوَقَّفَ ثُبُوتُ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَثُبُوتُ أَجْوَائِهِ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ بِثُبُوتِ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَثُبُوتِ أَجْزَائِهِ لَهُ لَا يَتَوَقَّفُ إِلَّا عَلَى تَصَوُّرِهِ وَتَصَوُّرِ أَجْزَائِهِ.
وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْبُرْهَانُ وَسَطًا ; لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاسِطَةُ لِلْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْمَحْكُومِ بِهِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِي النَّتِيجَةِ.
وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَرَّرْنَا يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ: إِنَّ الْحَدَّ لَيْسَ نَفْسَ الْمَحْدُودِ، فَلَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ عَيْنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ.
ش - هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ لَا يَحْصُلُ بِالدَّلِيلِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الدَّلِيلَ عَلَى الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ تَعَقُّلَ مَا يَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ، وَالْمُسْتَدِلُّ عَلَيْهِ هُوَ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ الْحَدِّ لِلْمَحْدُودِ. فَيَكُونُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ

الصفحة 83