كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الثَّالِثُ: الْمَحْسُوسَاتُ، وَهِيَ الْقَضَايَا الَّتِي يَسْتَفِيدُ الْإِنْسَانُ التَّصْدِيقَ بِهَا مِنَ الْحَوَاسِّ الظَّاهِرَةِ. كَقَوْلِنَا: الشَّمْسُ مُضِيئَةٌ، وَالنَّارُ حَارَّةٌ.
الرَّابِعَةُ: التَّجْرِيبِيَّاتُ، وَهِيَ قَضَايَا تَحْصُلُ بِالْعَادَةِ، أَيْ بِتَكْرَارِ الْمُشَاهَدَةِ عَلَى وَجْهٍ يَتَأَكَّدُ مِنْهَا عَقْدٌ قَوِيٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَهِيَ لَا تَخْلُو عَنْ قِيَاسٍ خَفِيٍّ مَعَ تَكْرَارِ الْمُشَاهَدَةِ، وَهُوَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْوُقُوعَ الْمُتَكَرِّرَ عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ اتِّفَاقِيًّا. كَحُكْمِنَا بِإِسْهَالِ الْمُسْهِلِ الَّذِي هُوَ السَّقَمُونْيَا مَثَلًا ; فَإِنَّ بَعْدَ تَكَرُّرِ وُقُوعِ الْإِسْهَالِ عَقِيبَ مُلَاقَاةِ الْمُسَهِّلِ الْبَدَنَ، يَحْصُلُ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَكَحُكْمِنَا بِإِسْكَارِ الْمُسْكِرِ.
الْخَامِسَةُ: الْمُتَوَاتِرَاتُ، وَهِيَ قَضَايَا تَحْصُلُ لِلنَّفْسِ بِالْأَخْبَارِ تَوَاتُرًا أَيْ كَثْرَةً مُتَوَالِيَةً، مُوجِبَةً لِسُكُونِ النَّفْسِ سُكُونًا تَامًّا، يَزُولُ مَعَهُ الشَّكُّ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الشَّهَادَاتِ بِحَيْثُ يُحِيلُ الْعَقْلُ تَوَاطُؤَ الشُّهَدَاءِ عَلَى الْكَذِبِ. كَحُكْمِنَا بِوُجُودِ بَغْدَادَ وَمَكَّةَ.
[صُورَةُ الْبُرْهَانِ اقْتِرَانِيٌّ واسْتِثْنَائِيٌّ]
ش - لَمَّا ذَكَرَ مَادَّةَ الْبُرْهَانِ، شَرَعَ فِي صُورَتِهِ، وَهِيَ الْقَوْلُ الْمُؤَلَّفُ مِنْ قَضَايَا مَتَى سَلِمَتْ لَزِمَ عَنْهُ لِذَاتِهِ قَوْلٌ آخَرُ.

الصفحة 97