كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَيُسَمِّيهِ الْمَنْطِقِيُّونَ: " قِيَاسًا ". وَقَدْ مَرَّ فَائِدَةُ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ.
وَالْقِيَاسُ يَنْقَسِمُ إِلَى اقْتِرَانِيٍّ وَاسْتِثْنَائِيٍّ. فَالِاقْتِرَانِيُّ: الْقِيَاسُ الَّذِي لَا يَذْكُرُ اللَّازِمَ، أَيِ النَّتِيجَةَ، وَلَا نَقِيضَهُ فِيهِ بِالْفِعْلِ. كَقَوْلِنَا: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ النَّبِيذَ حَرَامٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ مَذْكُورًا فِيهِ بِالْفِعْلِ وَلَا نَقِيضِهِ.
وَالِاسْتِثْنَائِيُّ نَقِيضُهُ أَيْ مَا يَكُونُ اللَّازِمُ أَوْ نَقِيضُهُ فِيهِ مَذْكُورًا بِالْفِعْلِ. كَقَوْلِنَا: لَوْ كَانَ [الْوُضُوءُ عِبَادَةً لَمْ] يَصِحَّ بِدُونِ [النِّيَّةِ، لَكِنَّ الْوُضُوءَ] عِبَادَةٌ، يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ، [وَهُوَ مَذْكُورٌ فِيهِ بِالْفِعْلِ] .
وَكَقَوْلِنَا: لَوْ كَانَ الْوُضُوءُ صَحِيحًا بِدُونِ النِّيَّةِ لَمَا كَانَ عِبَادَةً، لَكِنَّهُ عِبَادَةٌ، يَنْتُجُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا بِدُونِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ نَقِيضَهُ مَذْكُورٌ [فِيهِ] بِالْفِعْلِ.
[الموضوع والمحمول والوسط]
ش - الْأَوَّلُ الْقِيَاسُ الِاقْتِرَانِيُّ بِغَيْرِ شَرْطٍ، أَيْ لَا يَكُونُ فِيهِ مُقْدِمَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى [الشَّرْطِ، وَهِيَ الْمُتَّصِلَةُ، وَلَا تَقْسِيمَ، أَيْ لَا يَكُونُ فِيهِ مُقْدِمَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى] التَّقْسِيمِ، وَهِيَ [الْمُنْفَصِلَةُ] .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ الِاقْتِرَانِيَّ لَا يَكُونُ فِيهِ مُتَّصِلَةٌ وَلَا مُنْفَصِلَةٌ، وَقِيلَ [عَلَيْهِ] بِأَنَّهُ يُشْكِلُ هَذَا بِالْقِيَاسَاتِ الِاقْتِرَانِيَّةِ الشَّرْطِيَّةِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَا تَقْسِيمٍ: أَنَّهُمَا غَيْرُ مُلَازِمَيْنِ فِي الِاقْتِرَانِيِّ: فَإِنَّ الِاقْتِرَانِيَّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً. بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَائِيِّ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ إِحْدَى مُقَدِّمَتَيْهِ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: لَمَّا كَانَتِ الِاقْتِرَانَاتُ الشَّرْطِيَّةُ غَيْرَ مَذْكُورَةٍ فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ، لِكَوْنِهَا غَيْرَ يَقِينِيَّةِ الْإِنْتَاجِ، وَلِقِلَّةِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهَا، لَمْ يَعْتَبِرْهَا الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ يَعُدَّهَا مِنَ الْقِيَاسَاتِ الِاقْتِرَانِيَّةِ، فَلِهَذَا خَصَّ الِاقْتِرَانِيَّ بِالْحَمْلِيِّ.
وَيُسَمَّى الْمُبْتَدَأُ، أَعْنِي الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فِي الْقَوْلِ الَّذِي جُعِلَ جُزْءَ الْقِيَاسِ الِاقْتِرَانِيِّ: " مَوْضُوعًا ".

الصفحة 98