كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا ظَنًّا، بَلْ يُفِيدُ الْقَطْعَ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَطْعِيٌّ.
وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا ظَنًّا، لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الظَّنَّ لَا يَكْفِي فِي مَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ بَلْ يَكْفِي فِي مَدْلُولِ اللَّفْظِ ظُهُورُ كَوْنِهِ مَدْلُولًا لَهُ، وَإِلَّا لَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ (بِأَكْثَرِ الظَّوَاهِرِ) مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ.
وَأَمَّا الْكِتَابُ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢] .
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢] مَا خَاطَبَ بِهِ الْمَلَائِكَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اسْجُدُوا} [البقرة: ٣٤] .
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ وَإِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ، وَتَرَكَ إِبْلِيسُ الْمَأْمُورَ بِهِ، ذَمَّهُ عَلَى تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ، إِذْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ " مَا مَنَعَكَ " الِاسْتِفْهَامَ بِالِاتِّفَاقِ، فَيَكُونَ لِلذَّمِّ. فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَإِلَّا لَمَا ذَمَّهُ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: ٤٨] .
الصفحة 24