كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مُتَوَاطِئًا لَمْ يَسْبِقِ الْقَوْلُ إِلَى الْفَهْمِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ مُشْتَرِكًا فَلِتَسَاوِي الْمَفْهُومَيْنِ حِينَئِذٍ فَسَبَقَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْفَهْمِ دُونَ الْآخَرِ، تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ لَهُ لِظُهُورِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ مُتَوَاطِئًا فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ أَخَصَّ مِنْ مَدْلُولِهِ، وَلَمْ يُفْهَمِ الْأَخَصُّ مِنَ الْأَعَمِّ، كَإِطْلَاقِ حَيَوَانٍ فِي إِنْسَانٍ ; فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ الْإِنْسَانُ.
وَاسْتَدَلَّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ بِأَنَّ الْأَمْرَ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِي الْفِعْلِ لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ ضَرُورَةَ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْقَوْلِ أَيْضًا. وَالِاشْتِرَاكُ خِلَافُ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ يُخِلُّ (بِالتَّفَاهُمِ) .
وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً فِي الْفِعْلِ لَزِمَ الْمَجَازُ، وَالْمَجَازُ خِلَافُ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالتَّفَاهُمِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّعَارُضُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ وَأَنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنْهُ.
ش - احْتَجَّ الْقَائِلُ بِالتَّوَاطُؤِ بِأَنَّ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ مُشْتَرِكَانِ فِي مَعْنًى عَامٍّ، فَيُجْعَلُ لَفْظُ الْأَمْرِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى (الْعَامٍّ) الشَّامِلِ لَهُمَا دَفْعًا لِلْمَحْذُورَيْنِ: الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ اللَّازِمِ: أَحَدُهُمَا عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِيهِمَا، وَالْآخَرُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا.
أَجَابَ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ - أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ يُؤَدِّي إِلَى رَفْعِ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ ; إِذْ مَا مِنْ مَعْنَيَيْنِ إِلَّا وَبَيْنَهُمَا أَمْرٌ عَامٌّ يُمْكِنُ جَعْلُ اللَّفْظِ لَهُ.
اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُخَصَّصَ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي لَمْ يُوجَدْ فِيهَا دَلِيلٌ دَالٌّ عَلَى وُجُودِ الِاشْتِرَاكِ أَوِ الْمَجَازِ.
وَحِينَئِذٍ لَا يَتِمُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ; لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا ; فَإِنَّ سَبْقَ الْقَوْلِ إِلَى الْفَهْمِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْقَوْلِ، مَجَازًا فِي الْفِعْلِ.
الثَّانِي - أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى صِحَّةِ دَلَالَةِ الْأَعَمِّ لِلْأَخَصِّ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ خَاصًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَدْلُولِ لَفْظِ الْأَمْرِ، وَقَدْ صَحَّ دَلَالَةُ لَفْظِ الْأَمْرِ عَلَى الْقَوْلِ، لَكِنَّ الْعَامَّ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْخَاصِّ أَصْلًا.

الصفحة 9