كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بِنَصٍّ وَإِثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِطَرِيقِهَا - لَزِمَ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْخَصْمُ مُقَدِّمَةً تَقْبَلُ الْمَنْعَ.
وَإِنْ أَثْبَتَهَا الْمُسْتَدِلُّ بِالدَّلِيلِ بَعْدَ مَنْعِ الْخَصْمِ إِيَّاهَا، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَقْبَلَ إِلَّا الْبَدِيهِيَّاتِ.
وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْخَصْمَ بِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُقَلِّدِ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُ أَنَّ إِمَامَهُ يَدْفَعُ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ.
ش - الشَّرْطُ السَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ حُكْمِ الْأَصْلِ شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ جَعَلَ أَحَدَهُمَا أَصْلًا وَالْآخِرَ فَرْعًا، لَيْسَ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ.
كَمَا لَوْ قِيلَ: الْأُرْزُ يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ، ثُمَّ يَسْتَدِلُّ عَلَى إِثْبَاتِ جَرَيَانِ الرِّبَا فِي الْبُرِّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» ". فَإِنَّ هَذَا الدَّلِيلَ شَامِلٌ لِحُكْمِ الْأُرْزِ.
[شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنْ شُرُوطِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ، شَرَعَ فِي شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ.
الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، أَيْ تَكُونَ مُشْتَمِلَةً عَلَى حِكْمَةٍ تَصْلُحُ لِأَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ، كَالْإِسْكَارِ فِي حُرْمَةِ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى حِفْظِ الْعَقْلِ، إِذِ الْحُرْمَةُ تُؤَدِّي إِلَى حِفْظِ الْعَقْلِ. وَهُوَ مَقْصُودُ الشَّارِعِ.
وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ ; لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ لَزِمَ الدَّوْرُ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ فَرْعُ حُكْمِ الْأَصْلِ ; لِكَوْنِهَا مُسْتَنْبَطَةً مِنْهُ.
وَإِذَا كَانَتْ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ، لَا فَائِدَةَ لَهَا سِوَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُتَفَرِّعًا عَلَيْهَا، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فَائِدَتُهَا تَعْرِيفَ حُكْمِ الْفَرْعِ، فَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْأَصْلِ مُتَفَرِّعًا عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فِي بَيَانِ لُزُومِ الدَّوْرِ: إِنَّ حُكْمَ

الصفحة 24