كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَصْلِ إِنَّمَا يَكُونُ مُعَرَّفًا لِعِلِّيَّةِ الْوَصْفِ، إِذَا كَانَ الْوَصْفُ مُفْضِيًا إِلَى الْحِكْمَةِ الْمَقْصُودَةِ، فَمَا لَمْ يَشْتَمِلِ الْوَصْفُ عَلَى الْحِكْمَةِ، لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ مُعَرَّفًا لِعِلِّيَّتِهِ إِلَّا بِالْمُقَارَنَةِ الصِّرْفَةِ، فَحُصُولُهُ فِي الْفَرْعِ بِوَصْفِ الْمَعْرِفِيَّةِ يُوقَفُ عَلَى الْمُقَارَنَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْمَعْرِفِيَّةِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَهَذَا مَا ظَهَرَ لَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْمَعْرِفِيَّةِ، وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ فِي بَيَانِ لُزُومِ الدَّوْرِ: إِنَّ الْوَصْفَ إِذَا كَانَ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُعَرِّفًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُعَرِّفًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَرِّفًا لَحُكْمِ الْفَرْعِ، وَلَمْ يَكُنْ مُعَرِّفًا لَحُكْمِ الْأَصْلِ - وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَاعِثٍ - لَمْ يَكُنْ لِلْأَصْلِ مَدْخَلٌ فِي الْفَرْعِ ; لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوَصْفِ فِي الْفَرْعِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ، وَكَذَا مَعْرِفَتُهُ لِحُكْمِ الْفَرْعِ ضَرُورَةُ كَوْنِهِ غَيْرَ مُعَرِّفٍ لِحُكْمِ الْأَصْلِ.
فَثَبَتَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْوَصْفُ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُعَرِّفًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ، فَيَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ مُتَفَرِّعًا عَلَيْهِ، وَالْوَصْفُ مُسْتَنْبَطٌ مَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، فَيَكُونُ فَرْعًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.

الصفحة 26