كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْأَصْلِ وَصْفًا ضَابِطًا لِحِكْمَةٍ.
وَالْحِكْمَةُ هِيَ: الْغَايَةُ وَالْغَرَضُ مِنَ الْحُكْمِ، كَدَفْعِ الْمَشَقَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُخَصِ الْمُسَافِرِ. فَإِنَّهُ هُوَ الْغَايَةُ مِنَ الرُّخَصِ.
وَالْوَصْفُ الضَّابِطُ لِلْحِكْمَةِ، كَالسَّفَرِ الطَّوِيلِ إِلَى مَقْصِدٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ ضَابِطٌ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ.
وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَصْفًا ضَابِطًا لِحِكْمَةٍ، لَا أَنْ تَكُونَ حِكْمَةً مُجَرَّدَةً ; لِأَنَّ الْحِكْمَةَ الْمُجَرَّدَةَ خَفِيَّةٌ أَوْ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ، وَلَوْ أَمْكَنَ اعْتِبَارُ الْحِكْمَةِ وَحْدَهَا لِانْضِبَاطِهَا وَعَدَمِ خَفَائِهَا، فَفِي جَوَازِ التَّعْلِيلِ بِهَا خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِهَا ; لِأَنَّ الْحِكْمَةَ هِيَ الْعِلَّةُ لِلْحَكَمِ ; لِكَوْنِهَا غَايَةً لَهُ، فَتَعْلِيلُ الْحُكْمِ بِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْلِيلِهِ بِالْوَصْفِ.
ش - الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ عِلَّةُ الْأَصْلِ عَدَمًا فِي الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ.
وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْأَصْلِ عَدَمًا - إِذَا كَانَ الْحُكْمُ ثُبُوتِيًّا - بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَصْفُ الْجَامِعُ فِي الْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ عَدَمًا، لَكَانَ مُنَاسِبًا أَوْ مَظِنَّةَ مُنَاسِبٍ،

الصفحة 27