كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ عُرِفَ بِالنَّصِّ أَوَّلًا، ثُمَّ عُرِفَتِ الْعِلَّةُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مُثْبِتَةً لِحُكْمِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَثَالِثًا بِعَدَمِ انْحِصَارِ فَائِدَةِ الْعِلَّةِ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ، فَإِنَّ فَائِدَتَهُ مَعْرِفَةُ الْبَاعِثِ الْمُنَاسِبِ ; لِيَكُونَ أَدْعَى إِلَى الْقَبُولِ ; لِكَوْنِهِ مَعْقُولَ الْمَعْنَى.
وَأَيْضًا فَائِدَتُهَا أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ كَوْنُ الْقَاصِرَةِ عِلَّةً، فَلَوْ قُدِّرَ وَصْفٌ آخَرُ مُتَعَدٍّ، لَمْ يُفِدِ الْعِلِّيَّةَ إِلَّا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ بِالْعِلِّيَّةِ.
[هل النقض قادح في العلة]
ش - اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي النَّقْضِ، وَهُوَ وُجُودُ الْمُدَّعِي عِلَّةً مَعَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْهُ عَلَى سِتَّةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ مُطْلَقًا، أَيْ لَا يَقْدَحُ التَّخَلُّفُ فِي الْعِلِّيَّةِ.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنْهُ مُطْلَقًا، أَيْ يَقْدَحُ فِي الْعِلِّيَّةِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ فِي الْمَنْصُوصَةِ، وَلَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ.
وَرَابِعُهَا: عَكْسُهُ، أَيْ يَجُوزُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَلَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ فِي الْمَنْصُوصَةِ.
وَخَامِسُهَا: لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ فِي الْمَنْصُوصَةِ، وَيَجُوزُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ التَّخَلُّفُ بِمَانِعٍ، وَلَا عَدَمِ شَرْطٍ. وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الرَّابِعَ جَوَازُ التَّخَلُّفِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ إِذَا كَانَ بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ.
وَسَادِسُهَا: وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِلَّةَ إِنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً، لَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا إِلَّا بِمَانِعٍ أَوْ عَدَمِ شَرْطٍ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُسْتَنْبَطَةَ لَا تَثْبُتُ عِلِّيَّتُهَا عِنْدَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ إِلَّا بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا، أَعْنِي

الصفحة 37