كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ، فَيُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ الْعَامِّ فِي غَيْرِ صُورَةِ النَّقْضِ، وَيُعْمَلُ بِالنَّقْضِ فِي صُورَتِهِ ; لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِمَا أَوْ إِهْمَالِ أَحَدِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْعِلَّةَ بِنَصٍّ ظَاهِرٍ لَوْ بَطَلَتْ بِالنَّقْضِ، لَبَطَلَتِ الْعِلَّةُ الْقَاطِعَةُ، أَيِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، كَعِلَلِ الْقِصَاصِ وَالْجَلْدِ وَغَيْرِهِمَا بِالنَّقْضِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمَنْصُوصَةَ بِنَصٍّ ظَاهِرٍ لَا تَتَقَاعَدُ عَنِ الْعِلَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْعِلَلَ الْقَاطِعَةَ قَدْ يَتَخَلَّفُ الْحُكْمُ عَنْهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَلَمْ تَبْطُلْ عِلِّيَّتُهَا.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ النَّقْضَ يَقْدَحُ فِي الْعِلَّةِ، احْتَجُّوا بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَهُوَ أَنَّ النَّقْضَ يَلْزَمُ فِيهِ وُجُودُ مَانِعٍ أَوِ انْتِفَاءُ شَرْطٍ ; لِأَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ بِدُونِ أَحَدِهِمَا يُشْعِرُ بِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، فَبَيَّنَ النَّقْضُ أَنَّ نَقِيضَ أَحَدِهِمَا، أَعْنِي نَقِيضَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَنَقِيضَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ الْأُولَى الَّتِي ادَّعَى أَنَّهَا عِلَّةٌ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ نَقِيضِ أَحَدِهِمَا، فَيَنْتَفِي الْعِلَّةُ عِنْدَ انْتِفَاءِ نَقِيضِ أَحَدِهِمَا ضَرُورَةُ انْتِفَاءِ الْكُلِّ بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْعِلَّةِ الْبَاعِثُ، وَنَقِيضُ أَحَدِهِمَا لَيْسَ جُزْءًا مِنَ الْبَاعِثِ.
وَيَرْجِعُ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا ; لِأَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِالْعِلَّةِ الْبَاعِثُ، لَا يَكُونُ نَقِيضُ أَحَدِهِمَا جُزْءًا مِنْهَا، وَلَا يَقْدَحُ النَّقْضُ فِي الْعِلَّةِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْعِلَّةِ مَا يُثْبِتُ الْحُكْمَ، يَكُونُ نَقِيضُ أَحَدِهِمَا جُزْءًا مِنْهَا، وَيَقْدَحُ النَّقْضُ فِي الْعِلَّةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ صَحَّتِ الْعِلَّةُ مَعَ النَّقْضِ، لَلَزِمَ الْحُكْمُ فِي صُورَةِ النَّقْضِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمَعْلُولِهَا.

الصفحة 40