كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - الْمُجَوِّزُ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ دُونَ الْمَنْصُوصَةِ - وَهُوَ الْقَائِلُ بِالْمَذْهَبِ الرَّابِعِ - احْتَجَّ عَلَى أَنَّ الْمَنْصُوصَةَ لَا يَجُوزُ النَّقْضُ فِيهَا بِأَنَّ الْمَنْصُوصَةَ دَلِيلُهَا نَصٌّ عَامٌّ، وَالنَّصُّ الْعَامُّ يَقْتَضِي ثُبُوتَ عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ، فَلَا يُقْبَلُ النَّقْضُ.
أَجَابَ بِأَنَّ النَّصَّ الْعَامَّ إِنْ كَانَ قَطْعِيًّا، أَيْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْعِلَّةِ بِطَرِيقِ الْقَطْعِ، فَمُسَلَّمٌ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا، أَيْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْعِلَّةِ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ، وَجَبَ قَبُولُهُ لِلنَّقْضِ، كَالْعَامِّ لِلتَّخْصِيصِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ النَّقْضِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ النَّقْضُ بِمَانِعٍ وَلَا عَدَمِ شَرْطٍ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ - احْتَجُّوا عَلَى جَوَازِ النَّقْضِ فِي الْمُسْتَنْبَطَةِ مُطْلَقًا بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُسْتَنْبَطَةَ عِلَّةٌ بِدَلِيلٍ ظَاهِرٍ ; لِأَنَّ دَلِيلَهَا الْمُنَاسَبَةُ، وَالْمُنَاسَبَةُ تَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ بِحَسَبِ الظُّهُورِ، لَا بِحَسَبِ الْقَطْعِ. وَتَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنِ الْوَصْفِ مُشَكِّكٌ فِي عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ، أَيْ دَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلِّيَّةِ لَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ ; لِأَنَّ احْتِمَالَ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ يُسَاوِي احْتِمَالَ تَخَلُّفِهِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ، وَغَيْرُ الظَّاهِرِ لَا يُعَارِضُ الظَّاهِرَ. فَلَمْ يَقْدَحِ النَّقْضُ فِي الْعِلِّيَّةِ.
أَجَابَ بِأَنَّ تَخَلُّفَ الْحُكْمِ بِلَا وُجُودِ مَانِعٍ وَانْتِفَاءِ شَرْطٍ يَدُلُّ بِحَسَبِ الظُّهُورِ عَلَى أَنَّ الْوَصْفَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، وَدَلَالَةُ الْمُنَاسَبَةِ وَاسْتِنْبَاطُ الْعِلَّةِ عَلَى الْعِلِّيَّةِ مُشَكِّكٌ، فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا، وَغَيْرُ الظَّاهِرِ لَا يُعَارِضُ الظَّاهِرَ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الشَّكَّ فِي أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي

الصفحة 45