كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
انْضِمَامِ أَمْرٍ آخَرَ إِلَى هَذَا الدَّلِيلِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عِلَّةً، لَزِمَ التَّحَكُّمُ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً، لَزِمَ التَّحَكُّمُ، وَالتَّالِي ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْحُكْمَ إِنْ ثَبَتَ بِالْجَمِيعِ، فَيَكُونُ الْعِلَّةُ الْجَمِيعَ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا جُزْؤُهُ، وَهُوَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِالْجَمِيعِ، لَزِمَ التَّحَكُّمُ لِثُبُوتِهِ بِوَاحِدَةٍ حِينَئِذٍ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْجَمِيعِ بِمَعْنَى كُلِّ وَاحِدَةٍ، كَالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ، فَإِنَّ الْمَدْلُولَ يَثْبُتُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، فَلَا يَلْزَمُ التَّحَكُّمُ.
ش - الْقَائِلُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ أَحَدُهَا لَا بِعَيْنِهَا، احْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً لَا بِعَيْنِهَا، لَزِمَ التَّحَكُّمُ أَوِ الْجُزْئِيَّةُ. وَبَيَانُ الْمُلَازَمَةِ ظَاهِرٌ مِمَّا سَبَقَ، فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِجَوَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ.
[تعليل حكمين بعلة]
ش - اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَعْلِيلِ حُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ.
وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمَيْنِ بِأَمَارَةٍ وَاحِدَةٍ، إِذْ لَا امْتِنَاعَ فِي نَصْبِ أَمَارَةٍ وَاحِدَةٍ لِحُكْمَيْنِ، كَغُرُوبِ الشَّمْسِ لِجَوَازِ الْإِفْطَارِ، وَوُجُوبِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَاعِثِ وَالْأَمَارَةِ أَنَّ الْبَاعِثَ وَصْفٌ ضَابِطٌ لِحِكْمَةٍ مَقْصُودَةٍ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ، وَالْأَمَارَةُ لَا تَكُونُ كَذَلِكَ بَلْ تَكُونُ مُعَرِّفَةً لِلْحُكْمِ.
وَاحْتُجَّ عَلَى الْمُخْتَارِ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي مُنَاسَبَةِ وَصْفِ وَاحِدٍ لِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَالْإِسْكَارِ الْمُنَاسِبِ لِحُرْمَةِ الْخَمْرِ وَوُجُوبِ الْحَدِّ.
ش - الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ، قَالُوا: لَوْ جَازَ تَعْلِيلُ الْحُكْمَيْنِ بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ بِمَعْنَى الْبَاعِثِ،

الصفحة 65