كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ.
بَيَانُ الْمُلَازِمَةِ أَنَّ أَحَدَ الْحُكْمَيْنِ حَصَلَ الْحِكْمَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا الْعِلَّةُ، فَالْحُكْمُ الثَّانِي إِنْ لَمْ يُحَصِّلْهَا، لَزِمَ أَنْ لَا تَكُونَ الْعِلَّةُ عِلَّةً لَهُ، وَإِنْ حَصَّلَهَا، يَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْحُكْمَ الثَّانِيَ إِمَّا يَحْصُلُ حِكْمَةٌ أُخْرَى، أَوْ لَا تَحْصُلُ الْحِكْمَةُ إِلَّا بِالْحُكْمَيْنِ، وَالَّتِي تَحْصُلُ مِنَ الْوَاحِدِ هِيَ جُزْءُ الْحِكْمَةِ، فَإِنَّ الْغَرَضَ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ غَرَضَيْنِ، فَيَحْصُلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَمْرٍ، وَالْمَجْمُوعُ يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُكُمُ الْحُكْمُ الثَّانِي يَحْصُلُ حِكْمَةٌ أُخْرَى يُنَافِي أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ ; فَإِنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّ الْبَاعِثَ وَاحِدٌ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وَحْدَةِ الْبَاعِثِ وَحْدَةُ الْحِكْمَةِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ مُتَعَدِّدَةً، وَلَا يَكُونُ الْوَصْفُ إِلَّا ضَابِطًا لِإِحْدَاهُمَا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْبَاعِثُ وَاحِدًا مَعَ تَعَدُّدِ الْحِكْمَةِ.
ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَلَّا يَتَأَخَّرَ وُجُودُهَا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ وَجُودُهَا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ، لَزِمَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِغَيْرِ بَاعِثٍ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى الْحُكْمِ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّ تَحَقُّقَ الْحُكْمِ بِدُونِ الْبَاعِثِ مُحَالٌ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ هِيَ الْأَمَارَةَ لَا الْبَاعِثَةَ، وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ تَأَخُّرُهَا عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ كَوْنُ الْعِلَّةِ أَمَارَةً، يَلْزَمُ تَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ بِتَقْدِيرِ تَأَخُّرِهِ ; لِأَنَّ الْأَمَارَةَ لَا فَائِدَةَ لَهَا إِلَّا تَعْرِيفَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ عُرِّفَ بِالنَّصِّ، فَيَكُونُ تَعْرِيفُهُ بِالْأَمَارَةِ تَعْرِيفَ الْمُعَرَّفِ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ الْأَمَارَةِ تَعْرِيفَ حُكْمِ الْفَرْعِ، فَلَا يَكُونُ تَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَمَارَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً لِمَا سَبَقَ.
مِثَالٌ: تَأَخُّرُ الْعِلَّةِ عَنِ الْحُكْمِ تَعْلِيلُ وِلَايَةِ الْأَبِّ عَلَى الصَّغِيرِ الَّذِي عَرَضَ لَهُ الْجُنُونُ بِالْجُنُونِ ; لِأَنَّهُ قَبْلَ عُرُوضِ الْجُنُونِ ثَبَتَ الْوِلَايَةُ، فَتَأَخَّرَ الْجُنُونُ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ عَنِ الْوِلَايَةِ الَّتِي هِيَ

الصفحة 67