كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْحُكْمُ.
ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تَكُونَ مُبْطِلَةً لِحُكْمِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّهَا إِذَا أَبْطَلَتْ حُكْمَ الْأَصْلِ، يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الْعِلَّةِ ; لِأَنَّهَا مُسْتَنْبَطَةٌ مَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ.
مِثَالُهُ: تَعْلِيلُ وُجُوبِ الشَّاةِ عَلَى التَّعْيِينِ فِي الزَّكَاةِ بِدَفْعِ حَاجَةِ الْفَقِيرِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ حُكْمِ الْأَصْلِ ; لِأَنَّ دَفْعَ حَاجَةِ الْفَقِيرِ كَمَا يُمْكِنُ بِوُجُوبِ الشَّاةِ، كَذَلِكَ يُمْكِنُ بِوُجُوبِ قِيمَتِهَا، فَلَوْ عُلِّلَ الْوُجُوبُ بِدَفْعِ الْحَاجَةِ، يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ وُجُوبِ الشَّاةِ عَلَى التَّعْيِينِ.
ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تَكُونَ الْمُسْتَنْبَطَةُ مُعَارَضَةً بِوَصْفٍ آخَرَ، صَالِحٍ لِلْعِلِّيَّةِ، يُوجَدُ فِي الْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمُعَارِضُ هُوَ الْعِلَّةُ، أَوِ الْعِلَّةُ مَجْمُوعُهَا، وَلَا يَلْزَمُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ.
فَإِنْ قُلْتَ: مَذْهَبُهُ جَوَازُ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ. فَحِينَئِذٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمُعَارِضِ فِي الْفَرْعِ، عَدَمُ الْحُكْمِ فِيهِ ; لِوُجُودِ عِلَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ فِي الْفَرْعِ.
أُجِيبَ: جَوَازُ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً، لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلَا الظَّنُّ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْعِلَّةُ هُوَ الْمَجْمُوعُ أَوِ الْمُعَارِضُ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي الْفَرْعِ فَقَطْ.
وَقِيلَ: مِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَصْفٌ مُعَارِضٌ، لَا فِي الْأَصْلِ وَلَا فِي الْفَرْعِ، أَمَّا فِي الْأَصْلِ فَلِمَا ذَكَرَهُ، وَأَمَّا فِي الْفَرْعِ ; فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عِلَّةِ الْأَصْلِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ، وَمَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ فِي الْفَرْعِ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيهِ.

الصفحة 69