كتاب بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ، جَازَ التَّعْلِيلُ بِهِ، إِذْ لَا اسْتِبْعَادَ فِي أَنْ يَكُونَ تَرَتُّبُ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مُسْتَلْزِمًا حُصُولَ مَصْلَحَةٍ، لَا يَسْتَقِلُّ بِهَا أَحَدُهُمَا، وَذَلِكَ كَالنَّجَاسَةِ فِي عِلَّةِ بُطْلَانِ بِيعِ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ حُرْمَةُ الْبَيْعِ عَلَى النَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَيَحْصُلُ التَّنَزُّهُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَاعِثًا - أَوْ كَانَ، لَكِنْ لَا لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةٍ، بَلْ لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ لَازِمَةٍ عَنْ حُكْمِ الْأَصْلِ - لَمْ يَجُزْ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ بَاعِثًا، فَلِعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا بِالتَّعْلِيلِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ بَاعِثًا لِدَفْعِ مَفْسَدَةٍ ; فَلِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ لَوْ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَفْسَدَةِ، لَمَا شَرَعَهُ الشَّارِعُ.
[تعداد الوصف ووقوعه]
ش - اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِعِلَّةٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْ أَوْصَافٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَلَى مَذْهَبَيْنِ، وَالْمُخْتَارُ جَوَازُ تَعَدُّدِ الْوَصْفِ وَوُقُوعِهِ، كَالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ، فَإِنَّهُ عِلَّةٌ لِلْقِصَاصِ.
وَاحْتُجَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ كَوْنُ الْوَصْفِ الْوَاحِدِ عِلَّةً، ثَبَتَ بِهِ كَوْنُ الْوَصْفِ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُتَعَدِّدَةِ عِلَّةً، فَكَمَا صَحَّ فِي الْوَاحِدِ، صَحَّ فِي الْمُرَكَّبِ.
قَوْلُهُ: " مِنْ نَصٍّ أَوْ مُنَاسَبَةٍ أَوْ شَبَهٍ أَوْ سَبْرٍ أَوِ اسْتِنْبَاطٍ " بَيَانٌ لِلْوُجُوهِ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْعِلَّةُ.
ش - الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ كَوْنِ الْعِلَّةِ مُرَكَّبَةً احْتَجُّوا بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: لَوْ صَحَّ تَرَكُّبُ الْعِلَّةِ مَعَ أَوْصَافٍ مُتَعَدِّدَةٍ، لَكَانَتِ الْعِلِّيَّةُ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى مَجْمُوعِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَمَّا بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ; فَلِأَنَّا نَعْقِلُ مَجْمُوعَ تِلْكَ الْأَوْصَافِ، وَنَجْهَلُ كَوْنَهَا عِلَّةً، وَالْمَجْهُولُ غَيْرُ الْمَعْلُومِ، وَغَيْرُ جُزْئِهِ، فَتَكُونُ

الصفحة 75