كتاب البيان والتحصيل (اسم الجزء: 13)

وهب لولده، ما لم يداين، أو ينكح، أو يمرض، أو يموت، أو يمرض الأب أيضا أو يداين، فليس له أن يعتصر لغرمائه ولا لهم ذلك. قال ابن المواز: فإذا ابن الأب دينا لا يفي به ماله سوى الهبة، أو نكح على الهبة، أو بسببها، ارتفعت العصرة، ولا حجة للغرماء، إذ استدان دينا يفي ماله سوى الهبة، ألا ترى أنه لو وهبها لغير الأب، لم يكن للغرماء في ذلك حجة، إذا اعتصرها الأب؟ واختلف إذا نكح وداين بغير سبب الهبة، مثل أن يكون الابن موسرا فيهب له أبوه الشيء اليسير الذي يعلم أنه لم يزوج ولا دوين من أجل الهبة.
فقال ابن القاسم: إن ذلك لا يقطع العصرة، وهو قول مطرف، وروايته عن مالك، وقول أصبغ، وابن الماجشون: إن ذلك يقطع العصرة والذكر والأنثى في ذلك سواء. وذهب ابن دينار إلى أن نكاح الابن الذكر على الهبة، لا يقطع الاعتصار فيها، بخلاف الابنة، وهو دليل قول عمر بن الخطاب في المدونة من أنه قضى أن الولد يعتصر، ما دام يرى ماله، ما لم يمت صاحبها فيقع فيها المواريث، أو تكون امرأة تنكح، خلاف مذهب ابن القاسم في هذه الرواية، ومن سواه، وإذا مرض المعتصر أو المعتصر منه، فالمشهور أن ذلك يقطع العصرة. وروى أشهب عن مالك في كتاب ابن المواز: أن يعتصر.
وإن كان مريضا، قال: ولو كان الابن هو المريض، فلا أدري. وقال ابن نافع: للسيد أن يعتصر مال مدبره وأم ولده في مرضه، وإن كان الانتزاع حينئذ لغيره، فعلى هذا يكون الأب أن يعتصر في مرضه. واختلف على القول بأنه يقطعها، هل يعود بزوال المرض؟ على ثلاثة أقوال:
أحدها: إن العصرة تزول بزوال المرض، كان المريض منهما هو المعتصر أو المعتصر منه، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية، قال: لأن المرض أمر لم يعامله الناس عليه، فهو بخلاف النكاح والمداينة، وهو قول مطرف والمغيرة وابن دينار.
والثاني: إنها لا تعود بزوال المرض، وهو قول أصبغ في هذه الرواية وقول ابن الماجشون، وروايته عن مالك، والقول الأول أظهر؛ لأن الاعتصار إنما امتنع في المرض، مخافة الموت، فإذا زال المرض،

الصفحة 473