كتاب البلاغة العمرية
فما فارقوه حتى مات، وما خرج ابن مسعود إلى الكوفة ببيعة عثمان إلا من حَبسِ عمر في هذا السبب (¬1).
[154] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
لمعاذ بن جبل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أفتاه في امرأة حُبلى غاب عنها زوجها سنتين:
((عَجَزَ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ مُعَاذٍ، لَوْلَا مُعَاذٌ هَلَكَ عُمَرُ)) (¬2).
¬_________
= عَنْ عُمَرَ، وَهُوَ إِمَامٌ رَاشِدٌ مَهْدِيُّ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يَقِفُ النَّاسُ عَلَى مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا بِمَا يُحَدِّثُهُمْ بِهِ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، وَفِيمَا كَانَ مِنْ عُمَرَ مَا يَقْطَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ؟
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ مَذْهَبُهُ حِيَاطَةَ مَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ رَوَوْهُ عُدُولًا، إِذْ كَانَ عَلَى الْأَئِمَّةِ تَأَمُّلُ مَا يُشْهَدُ بِهِ عِنْدَهُمْ، مِمَّنْ قَدْ ثَبَتَ عَدْلُهُ عِنْدَهُمْ، فَكَانَ عُمَرُ فِيمَا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَا يَحْفَظُهُ عَنْهُ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِأَبِي مُوسَى مَعَ عَدْلِهِ عِنْدَهُ، فِيمَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي الِاسْتِئْذَانِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، وَقَدْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ وَقَفُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِيهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ إِيَّاهُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَعَلَ فِي أُمُورِ الَّذِينَ كَانَ مِنْهُ فِي حَبْسِهِمْ مِمَّا كَانَ فَعَلَهُ فِي ذَلِكَ لِهَذَا الْمَعْنَى، لَا لِأَنْ يَقْطَعَهُمْ عَنِ التَّبْلِيغِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ مَا قَدْ سَمِعُوهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبْلَهُ فِي مِثْلِ هَذَا).
(¬1) رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 40/ 500 وابن كثير في مسند الفاروق: 2/ 624 وجوَّد إسناده.
(¬2) رواه عبد الرزاق في المصنف (13454) وسعيد بن منصور في السنن (2076) وابن أبي شيبة في المصنف (29408) والدارقطني في السنن (3876) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (15558) وسنده ضعيف.
الصفحة 106