كتاب البلاغة العمرية
[205] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
في الولاة على الأمصار
((إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكُمْ جَبَابِرَةً، وَلَكِنْ بَعَثْتُكُمْ أَئِمَّةً، فَلا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلا تَحْمَدُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ فَتَظْلِمُوهُمْ. وَأَدِرُّوا لَقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ)) (¬1).
[206] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
لأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
((يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلاَمُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ، بَرَدَ لَنَا (¬2)، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ، كَفَافًا رَاسًا بِرَاسٍ؟))، فَقَالَ أَبو موسى: لاَ وَالله، قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ، فَقَالَ عمر: ((لَكِنِّي أَنَا، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا (¬3) رَاسًا بِرَاسٍ)) (¬4).
¬_________
(¬1) رواه أبو يوسف في الخراج: ص128.
(¬2) يُقال: (برد هذا الأمر): إذا ثبت ودام، والمراد: ليته ثبت لنا ثوابه ودام وخَلص. (جامع الأصول لابن الأثير - (9478)).
(¬3) الكَفاف: ما لا فضل فيه ولا تقصير، وأصله: المساواة لما جعل بازائه، ولذلك قال: ((رأساً برأس)) أي: لا له ولا عليه. (جامع الأصول لابن الأثير - (9478)).
(¬4) رواه البخاري في صحيحه (3915) والبيهقي في السنن الكبرى (13039) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 32/ 61.
الصفحة 133