أُبيُّ بن كعب، وخرج ليلة والناس يُصلُّون بصلاة قارئهم فقال: ((نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ (¬1)، وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي تَقُومُونَ)) (¬2)، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، إذ كَانُوا يَقُومُونَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ.
[278] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
لأبي سفيان بن حرب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد مرّ بلبن في الطريق لأبي سفيان يبني فيه بناءً، فقال:
((يَا أَبَا سُفْيَانَ، انْزَعْ بِنَاءَكَ هَذَا؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَضَرَّ بِالطَّرِيقِ))، فَقال: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: ((أَمَا وَاللهِ؛ لَقَدْ كُنْتَ أبيًّا، الحَمْدُ للهِ الذِي أَدْرَكْتُ زَمَاناً أَمَرَ عُمَرُ فِيهِ أَبَا سُفْيَانَ فَأَطَاعَهُ)) (¬3).
¬_________
= فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُمْهِلُهُمْ قَدْرَ مَا يَقْضِي الرَّجُلُ حَاجَتَهُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَكَانَ يَقْرَأُ خَمْسَ آيَاتٍ، وَسِتَّ آيَاتٍ.
(¬1) يريد بها التسمية اللغوية لا الشرعية، وذلك أنَّ البدعة في اللغة تعم كل ما فُعِلَ ابتداء من غير مثال سابق. (انظر: اقتضاء الصراط لابن تيمية: 2/ 95 ط عالم الكتب).
وقيل: إنَّ هذا صدر منه على سبيل التنزُّل والمشاكلة، كما في قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40]، وقول أبي الشمقمق:
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخَه ... قلت: اطبخوا لي جبّة وقميصاً
(انظر: تحقيق الرغبة في شرح النخبة للخضير: ص116).
(¬2) رواه البخاري في صحيحه (2010) ومالك في الموطأ (378) وابن وهب في الموطأ (302) والجامع (304) وعبد الرزاق في المصنف (7723) والفريابي في الصيام (164) و (166) و (171) و (172) وابن خزيمة في صحيحه (1100) والبيهقي في السنن الكبرى (4274).
(¬3) رواه ابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 686.