كتاب البلاغة العمرية

ذَهَبَ ذِهْنُهُ وَعَقْلُهُ وَحِفْظُهُ، فَإِذَا تَجَلَّى عَنْ قَلْبِهِ، أَتَاهُ ذِهْنُهُ وَعَقْلُهُ وَحِفْظُهُ)) (¬1).

[290] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
لعدي بن حاتم (¬2) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وقد سأله: يا أمير المؤمنين أتعرفني، فَضَحِكَ حَتَّى اسْتَلْقَى لِقَفَاهُ وقال:
((نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُكَ، آمَنْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَإِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ صَدَقَةُ طَيِّئٍ، جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ثُمَّ أَخَذَ يَعْتَذِرُ، ثُمَّ قَالَ: ((إِنَّمَا فَرَضْتُ لِقَوْمٍ أَجْحَفَتْ بِهِمُ الْفَاقَةُ (¬3) وَهُمْ سَادَةُ عَشَائِرِهِمْ لِمَا يَنُوبُهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ)) (¬4).
¬_________
= من غيم يُغطِّي نوره. (النهاية لابن الأثير (طخا)).
(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في الإشراف (5).
(¬2) عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، وفد على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سنة سبع، فأكرمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان سيد قومه. ولم يزل مع علي بن أبي طالب وشهد معه الجمل وصفين وذهبت عينه يوم صفين، ومات بالكوفة زمن المختار سنة ثمان وستين. (الطبقات الكبرى: 6/ 22 وتاريخ الإسلام: 2/ 678).
(¬3) أي: أفْقَرَتهم الْحَاجَةُ، وأذهَبَت أموالَهم. (النهاية لابن الأثير - (جَحَفَ)).
(¬4) رواه أحمد في المسند (316) وابن أبي شيبة في المصنف (37045) والبيهقي في السنن =

الصفحة 176