كتاب البلاغة العمرية

فَخَرَجَ عَلَيْهَا مَعَهُمَا، حَتَّى إذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يا ابن أَخِي، وَاَللهِ لَقَدْ استغلظتُ بَعِيرِي هَذَا، أَفَلَا تُعْقِبني عَلَى نَاقَتِكَ هَذِهِ؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: فَأَنَاخَ، وَأَنَاخَا لِيَتَحَوَّلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا استَوَوْا بِالْأَرْضِ عدَوَا عَلَيْهِ، فَأَوْثَقَاهُ وَرَبَطَاهُ ثُمَّ دَخَلَا بِهِ مَكَّةَ، وَفَتَنَاهُ فافتُتن)) (¬1).

[5] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في أمر أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
((إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَاخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ،
¬_________
(¬1) رواه ابن إسحاق كما في السيرة النبوية لابن هشام: 1/ 474 وابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 271 والبزار في البحر الزخار (155) وابن شبة في تاريخ المدينة: 2/ 663 والنجاد في مسند عمر بن الخطاب: ص96 والبيهقي في السنن الكبرى (17756) وابن عساكر في تاريخ دمشق: 47/ 242 و74/ 17.

الصفحة 23