كتاب البلاغة العمرية
مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: ((فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَقُّ)) (¬1).
[19] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وهي أول خطبة له حين تولى الخلافة
((أَمَّا بَعْدُ، فَقَدِ ابْتُلِيتُ بِكُمْ وَابْتُلِيتُمْ بِي، وَخَلَفْتُ فِيكُمْ بَعْدَ صَاحِبِي، فَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِنَا بَاشَرْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا، وَمَهْمَا غَابَ عَنَّا وَلَّيْنَا أَهْلَ الْقُوَّةِ وَالْأَمَانَةِ، فَمَنْ يُحْسِنْ نَزِدْهُ حُسْنًا، وَمَنْ يُسِئْ نُعَاقِبْهُ، وَيَغْفِرُ اللهُ لَنَا وَلَكُم)) (¬2).
[20] وَفي أَوَّلِ خطْبَةٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
الليلة التي دفن فيها أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
((إنَّ اللهَ نَهَجَ سَبيلَهُ، وَكَفانا برسُولِهِ، فلَمْ يَبْقَ إلا الدُّعَاءُ والاقْتِدَاءُ، فالحَمْدُ للهِ الذي ابْتَلانِي بِكُمْ وابتَلاكُمْ بِي، والحمْدُ للهِ الذَي أَبقاني فِيكُمْ بَعْدَ صَاحِبيَّ كَنَفَرٍ ثَلاثةٍ اغْتَرَبُوا الطِيَّةَ (¬3)؛ فَأَخَذَ أحدُهُمْ مُهْلَةً إلى دارِهِ وَقَرارَهِ، فسلَكَ أَرضاً مُضِلَّةً، فَتَشَابَهَتِ الأَسبابُ
¬_________
(¬1) رواه البخاري في صحيحه (7284) ومسلم في صحيحه (20) وأبو داود في السنن (1556) والترمذي في السنن (2607) والنسائي في السنن (2443) وأحمد في المسند (117) و (239) و (335).
(¬2) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى: 3/ 274 والبلاذري في أنساب الأشراف: 10/ 306 وابن عساكر في تاريخ دمشق: 44/ 263.
(¬3) الطيَّة: النيّة، قال الخليل: ((الطيَّةُ تكون منزلاً وتكون منتأى. تقول منه: مضى لطيَّته أي لنيته التي انتواها (الصحاح 6/ 2415).
الصفحة 35
439