كتاب البلاغة العمرية
والأَعلامُ، فلَمْ يَزِلَّ عن السَّبيلِ، ولمْ يَخْرِم (¬1) عنه حتَّى أَسْلَمَهُ إلى أهْلِهِ، فأَفْضَى إليهم سَالماً، ثمَّ تَلاهُ الآخَرُ فَسَلَكَ سبيلَهُ واتَّبَعَ أَثَرَهُ فأَفْضَى إليه سَالماً ولَقِيَ صَاحِبَهُ، ثمَّ تَلَاهُ الثالِثُ فإِنْ سَلَكَ سَبيلهُما، واتَّبَعَ أَثَرَهُما، أَفْضَى إليهما سَالِماً ولاقاهُما، وإنْ هُوَ زَلَّ يَميناً أو شِمالاً لَمْ يُجامِعْهُما أَبَداً، ألا إنَّ العَرَبَ جُمُلٌ أُنُفٌ (¬2) فلا أَعَطَيْتُ بِخِطَامِهِ، ألا وِإنِّي حَامِلُهُ على المَحَجَّةِ، مُسْتعِينٌ باللهِ، ألا وإِنِّي دَاعٍ فَأَمِنُّوا، اللهُمَّ إنِّي شَحِيحٌ فَسَخِّنِي، اللُهمَّ إنِّي غَلِيظٌ فَلَيِّنِّي، اللهُمَّ إني ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي، اللهُمَّ أَوْجِبْ لي بِمُوَالاتِكَ ومُوالاةِ أَولِيائِكَ، وَلايَتَكَ وَمَعُونَتَكَ، وأَبْرِرنِي بمُعَادَاةِ عَدُوِّكَ مِنَ الآفاتِ)) (¬3).
[21] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وَقَفَ بَيْنَ الْخَرِبَيْنِ - وَهُمَا دَارَانِ لِفُلاَنٍ -
((شَوَى أَخُوكَ حَتَّى إِذَا أَنْضَجَ رَمَّدَ (¬4))) (¬5).
¬_________
(¬1) لم يخرم: أي ما عدل (الصحاح 5/ 1911).
(¬2) الجميل الأنف: أي المأنوف وهو الذي عقر الخشاش أنفه فهو لا يمتنع على قائدة للوجع الذي به (النهاية 1/ 75).
(¬3) ذكره ابن الجوزي في مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: ص190
(¬4) قال أبو عبيد في (غريب الحديث: 3/ 367): (يَقُول: إِنَّه لما أنضج شواه وجوّده أَلْقَاهُ فِي الرماد فأفسده. وَهُوَ مَثل يُضرب للرجل يصطنع الْمَعْرُوف إِلَى الرجل ثمَّ يُفْسِدهُ عَلَيْهِ بالامتنان أَو أَن يقطعهَا عَنهُ لَا يُتمهَا لَهُ).
وقال في (الأمثال: ص66): (وقد يُقال هذا أيضًا للذي يبتدئ بالإحسان ثم يعود عليه بالإفساد. وقال بعضهم في مثله: المنَّة تهدم الصنيعة).
(¬5) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق (786) وابن أبي الدنيا في قصر الأمل (267).
الصفحة 36
439