كتاب البلاغة العمرية

[36] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَمَعَ عَلَى الإِسْلامِ أَهْلَهُ، فَأَلَّفَ بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَجَعَلَهُمْ فِيهِ إِخْوَانًا، وَالْمُسْلِمُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَالْجَسَدِ لا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَ غيره، وكذلك يحِقُّ على المسلِمِينَ أن يكُونُوا أَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَوِي الرَّايِ مِنْهُمْ، فَالنَّاسُ تُبَّعٌ لِمَنْ قَامَ بِهَذَا الأَمْرِ، مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَرَضُوا بِهِ لَزِمَ النَّاسَ وَكَانُوا فِيهِ تُبَّعًا لَهُمْ، وَمَنْ أَقَامَ بِهَذَا الأَمْرِ تَبِعٌ لأُولِي رَايِهِمْ مَا رَأَوْا لَهُمْ وَرَضُوا بِهِ لَهُمْ مِنْ مَكِيدَةٍ فِي حَرْبٍ كَانُوا فيه تبعاً لهم.
يا أيها النَّاسُ، إِنِّي إِنَّمَا كُنْتُ كَرَجُلٍ مُنْكُمْ حَتَّى صَرَفَنِي ذَوُو الرَّايِ مِنْكُمْ عَنِ الْخُرُوجِ، فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُقِيمَ وَأَبْعَثَ رَجُلاً، وَقَدْ أَحْضَرْتُ هَذَا الأَمْرَ، مَنْ قَدَّمْتُ وَمَنْ خَلَّفْتُ)) (¬1).

[37] وَمِنْ كَلاَمٍ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الرَّايَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصِيبًا لِأَنَّ اللهَ كَانَ يُرِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ)) (¬2).
¬_________
(¬1) رواه الطبري في تاريخه: 3/ 481.
(¬2) رواه أبو داود في السنن (3586) والبيهقي في السنن الكبرى (20358) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2000).

الصفحة 49