كتاب بلاغ الرسالة القرآنية

إن لم تراع أصل الاعتصام بحبل الله، وعدم التفرق عنه، ولم تنضبط بقصد النجاة من النار، للداعي والمدعو سواء؛ كانت منحرفة عن (الخير)، وإن كانت في ظاهرها (أمراً بمعروف ونهياً عن منكر)، فلا قيمة لهذا إلا إذا صار إلى خير. فتدبر! ثم أبصر!
ولنجعل خاتمة كلامنا في هذا البلاغ الخامس، آيات الدعوة إلى الله من سورة (فصلت)، ذات (القواعد العشر)، إنها خلاصة القول فيه، وجماعه. فقد فصلت المنطلقات تفصيلاً، وحددت الغايات تحديداً، وضبطت الوسائل ضبطاً. إنها منهج متكامل بذاتها في الدعوة إلى الله. وإن الناس اليوم لو أخذوا بها وحدها في هذا الشأن لكفتهم. اقرأها أولاً، ثم لنتعاون معاً على تدبرها ثم إبصارها آية آية إن شاء الله؛ عسى أن نصل إلى رسم منهاج قرآني للدعوة إلى الله.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ. وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.

الصفحة 130