كتاب بلاغ الرسالة القرآنية

10 - {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
هذا هو الظاهر الجلي، ولكن يجوز أن تجد أكثر، فالقرآن بحر زاخر بالكنوز، لا يحصي معانيه إلا الله جل جلاله.
* تبصرة:
أما القاعدة الأولى: فهي أن (قول: ربنا الله) إعلان للتوحيد. تدبر .. إنه (قول). وهذا شيء مهم في حد ذاته، (فقوله) ذلك إعلان له، ودعوة إليه، وترسيخ له في المجتمع. ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم للذي سأله: أن يقول له في الإسلام شيئاً، لا يسأل عنه أحداً بعده؛ فقال له صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله فاستقم» (¬1)، وفي رواية أخرى: «ثم استقم». هكذا (قل) تصريحاً لا تلميحاً، إعلاناً وإشهاراً لا تورية وتقية، {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل:106]. فإنما أصل الدين إعلان توحيد الله، ورفع راية (لا إله إلا الله). فارفعها يا صاح عالياً عالياً، ارفعها فوق كل راية؛ حتى لا تظهر فوقها راية، {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه} [الأنفال:39]. قل: (آمنت بالله) حيثما حللت وارتحلت! قلها في كل مكان .. أعلن تدينك ولا تخفيه، أشهر سلوكك الإسلامي، وانتماءك الحضاري، وصبغتك الربانية، وكونك من أمة
¬__________
(¬1) رواه مسلم.

الصفحة 132