كتاب بلاغ الرسالة القرآنية
فذلكم الرباط! فذلكم الرباط! فذلكم الرباط!» (¬1) فتدبر .. ثم أبصر!
وإنما (الرباط) له دلالة جهادية في القرآن والسنة، وذلك هو المفهوم من فعل (رابط) المأمور به في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:200]؛ فقوله تعالى: (رابطوا) معناه -كما في سائر التفاسير- صابروا على ملازمة ثغور الجهاد؛ لمراقبة العدو، والتصدي لغاراته، وحراسة المسلمين.
ولذلك فقد أورد الإمام البخاري هذه الآية في كتاب الجهاد والسير من صحيحه، في ترجمة (باب: فضل رباط يوم في سبيل الله، وقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا} الآية). وأورد فيه الحديث الذي أخرجه مسلم أيضاً؛ عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» (¬2).
في هذا السياق الجهادي إذن استعمل النبي صلى الله عليه وسلم لفظ (الرباط)؛ للدلالة على التزام المساجد، والارتباط بندائها؛ فقال: «فذلكم الرباط! فذلكم الرباط! فذلكم الرباط!»
¬__________
(¬1) رواه مالك في موطئه، ومسلم في صحيحه.
(¬2) متفق عليه.
الصفحة 162
182