كتاب بلاغ الرسالة القرآنية

وإنما الشرط فيها عدم نقض أصولها، ومعلوم في قواعد الأصول أن (كل فرع عاد على أصله بالإبطال فهو باطل).
وأما الأصول فأحسب أن مدارها على أمرين: سقي وتجذير. وقد سبق لنا بيانهما في ورقتنا الدعوية: (نظرية السقي المِرْوَحي والتجذير المتعدد الإنبات) (¬1)؛ والمقصود بالسقي المروحي: استعارة حركة آلة السقي المروحية في المجال الزراعي، التي ترش الماء على المزروعات بصورة شمولية، ترش على كل ما حولها من جميع جهاتها، في حركة دائرية دائمة، وذلك هو حال المؤمن في حركته الدعوية، يدور مع كلمة الخير حيث دارت، يسقي بها كل من لقيه في طريقه، وكل من اتصل به، في أي ظرف من الظروف، (يبَصِّر) الناس بحقائقها؛ واعظاً، وخطيباً، ومتحدثاً، ومحاوراً، ومناقشاً، ومناظراً، وكاتباً، وقائماً، وقاعداً، وراجلاً، وراكباً، وفي المسجد، وفي السوق، وفي المكتب، وفي الجامعة، وفي المدرسة، وفي المستشفى، وفي الشارع ... إلخ. فلا يزال مستنيراً بقاعدة القرآن: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33]، ذلك سقي مروحي.
¬__________
(¬1) تلك كانت ورقة دعوية سبق لنا إعدادها بعنوان: (نظرية السقي المِرْوَحي والتجذير العشري)، طلباً للعدد: «عشرة» في تنظيم جلسات التربية لمقاصد حركية، ثم عدلنا عنه لما تبين لنا من ضرورة تأميم الدعوة من جهة، ومن أن حصر العدد في عشرة فيه نوع من التحكم غير المشروع؛ فعبرنا بـ (التجذير المتعدد الإنبات) بإطلاق، وإنما الموفق من وفقه الله.

الصفحة 173