كتاب بلاغ الرسالة القرآنية

فالمرض إذن؛ نظر بلا إبصار! قال عز وجل: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [الأعراف:198]، وقال سبحانه: {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف:105]، والقرآن العظيم مجموع كلي من الآيات الدالة على الطريق، آيات هي في حاجة فقط إلى من يبصرها؛ ومن هنا وصف الله القرآن كله بأنه (بصائر)، قال سبحانه: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ} [الجاثية:20].
والبصائر: جمع بصيرة، وهي الآية التي تُبَصِّرُ الناس حقائق الوجود، وتدلهم على الطريق السالكة إلى الله، عند
¬__________
= إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ. فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ} [الرحمن: 33 - 35]؛ قال رحمه الله: (أبصر! (...) وشاهد معنى الآية الكريمة في نور إعجازها الواضح وضوح النهار، وخذ نجم حقيقة واحدة من سماء تلك الآية الكريمة، واقذف بها الشيطان القابع في ذهنك وارجمه بها! ونحن كذلك نفعل هذا) (الكلمات:210) وقال رحمه الله: (لما زالت الغفلة، أبصرت نور الحق عياناً) (الكلمات:240)، وطالما كان يقول في رسائله: (هكذا شاهدت!) (المثنوي العربي:158)، ن. ذلك كله في كليات رسائل النور تأليف الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي، ترجمة إحسان قاسم الصالحي، نشر دار (سوزلر) للنشر، فرع القاهرة ط 2 بمصر (1412 هـ/ الموافق 1992 م).
كما أنه لا بد من التنويه بما كان لأخينا الدكتور أحمد العبادي -حفظه الله وسلمه- من أثر في تحقيق مناط هذا المفهوم في نفسي، وذلك من خلال مذاكرات ثنائية لا تنسى، فجزاه الله الجزاء الأوفى.

الصفحة 21