كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 2)

[باب الأذان]
الأذان: إعلام بدخول وقت الصلاة، يقال: أذن يؤذن تأذينًا وأذانًا، أي: أعلم الناس. قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 3] [التوبة: 3] . أي: إعلام. وإنما قيل: أذن - بالتشديد - مبالغة وتكثيرًا.
وإنما سمي الإعلام بوقت الصلاة أذانًا، اشتقاقًا من الأذن؛ لأنها بها يسمع الأذان. هكذا قاله الزجاج.
والأصل فيه: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] الآية [الجمعة: 9] . وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا} [المائدة: 58] [المائدة: 58] .
وأما السنة: فما «روى أبو عمير بن أنس عن عمومته من الأنصار، قال: اهتم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للصلاة، كيف يجمع الناس لها؟ فاستشار المسلمين في ذلك، فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رآها الناس آذن بعضهم بعضًا. . فلم يعجبه ذلك؛ فذكروا له البوق، فقال: " هو مزمار اليهود "، وذكروا له الناقوس، فقال: " هو مزمار النصارى "، فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم لاهتمام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأري الأذان في منامه، فغدا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره بذلك، وقال: يا رسول الله، إني لبين النائم واليقظان، إذ أتاني آت، فأراني الأذان. قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يومًا، ثم أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك، فقال: " ما منعك أن تخبرنا " فقال: سبقني عبد الله بن زيد، فاستحييت، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " قم يا بلال،

الصفحة 54