كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 3)

والأول أصح، والخبر محمول على الاستحباب، بدليل: ما روى ابن عباس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا غسل عليكم من غسل ميتكم، حسبكم أن تغسلوا أيديكم» .
وروي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنها قالت: (أأنجاس موتاكم؟!) ، تريد بذلك: الإنكار على من قال بوجوب الغسل من غسل الميت.
وأما قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «والوضوء من مسه» : فيحتمل أنه أراد: من مس ذكره، ويحتمل أنه أراد: الوضوء، لا لأجل مسه، ولكن لأجل الصلاة عليه عند مسه، حتى لا تفوته الصلاة إذا اشتغل بالوضوء بعد غسله، ويحتمل أنه أراد: غسل اليد.
إذا ثبت: أن الغسل من غسل الميت لا يجب ... فهل هو آكد، أو غسل الجمعة؟ فيه قولان:
أحدهما: أن غسل الجمعة آكد؛ لأن الأخبار فيه أثبت.
والثاني: أن الغسل من غسل الميت آكد، وهو الأصح؛ لأنه مختلف في وجوبه عندنا، بخلاف غسل الجمعة.

الصفحة 37