كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

فقمت من نومي، وقلت: ولم، ولست بتاجر؟ فقال: بل حملت معك كبة غزل تبيعها على أهل مكة.
فدل على: أن من كانت قربته خالصة لم يشبها بشيء من الدنيا.. فثوابه فيه أكثر.

[فرع ركوب البحر للحج]
وإن كان الطريق غير آمن، ويحتاج فيه إلى خفارة.. لم يجب عليه الحج؛ لأن في ذلك تغريرا بالنفس والمال.
وإن لم يكن له طريق إلا في البحر.. فقد قال الشافعي في " الأم " [2/103] : (لا يبين لي أن أوجب عليه ركوب البحر) .
وقال في " الإملاء ": (إذا لم يكن له طريق إلا في البحر.. لا يبين لي أن لا أوجب عليه ركوب البحر للحج) .
واختلف أصحابنا فيه على أربع طرق:
(الأول) : منهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: يجب عليه؛ لأنه طريق مسلوك، فأشبه البر.
والثاني: لا يجب عليه؛ لأن البحر يخاف فيه الهلاك، فأشبه الطريق المخوف في البر.
و [الطريق الثاني] : منهم من قال: ليست على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين:
فحيث قال: (يجب عليه ركوبه) .. إذا كان الغالب منه السلامة.
وحيث قال: (لا يجب عليه) .. إذا كان الغالب منه الهلاك، وبهذا قال أبو حنيفة.
و [الطريق الثالث] : منهم من قال: بل هي على حالين آخرين:

الصفحة 33