كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

[فرع يشترط للحج إمكان السير]
وأما إمكان السير: فهو شرط في وجوب الحج، فإن وجدت فيه هذه الشرائط، ولكن لم يبق من الزمان ما يتمكن فيه من الوصول إلى الحج.. لم يجب عليه الحج.
وقال أحمد: (إمكان السير له ليس بشرط في الوجوب، وإنما هو شرط في الأداء) وكذلك أمن الطريق عنده.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] [آل عمران: 97] .
وهذا غير مستطيع، ولأنه معنى يتعذر معه فعل الحج، فمنع من وجوبه، كالزاد والراحلة.

[مسألة وجوب الحج لمن هو دون مسافة القصر]
فأما أهل مكة، ومن كان داره من مكة على مسافة لا تقصر فيها الصلاة، فإن كان صحيحا يقدر على المشي.. لم يكن من شرط وجوب الحج عليه، وجود الراحلة؛ لأنه ما من أحد إلا ويقدر على قطع مثل هذه المسافة من غير أن يناله مشقة كثيرة، فلم يمنع ذلك من وجوب الحج عليه، كما لا يمنع قطع المسافة من بيته إلى الجامع من وجوب الجمعة عليه. ولأن أهل الآفاق ينالهم من المشقة بالركوب إلى الحج أكثر مما ينال أهل مكة بالمشي إلى الحج، وذلك لا يمنع من وجوب الحج عليهم، فكذلك هذا مثله.
وإن كان زمنا.. فلا حج عليه إلا بوجود الراحلة، ولا يجب عليه الحبو؛ لأن المشقة بالحبو في المسافة القريبة أكثر من المشقة بالسير في المسافة البعيدة.
وأما الزاد، وما يحتاج إليه من النفقة في أيام شغله بالنسك: فلا بد من وجوده، فإن لم يجد إلا نفقة يوم بيوم، مثل: أن يكون صانعا يكتسب كل يوم ما يقوته إن لم

الصفحة 37