والثاني: لا يحل؛ لأنه في الحال غير مخوف.
إذا ثبت هذا: وأنه يجوز للمضطر أكل الميتة فله أن يأكل منها ما يسد به الرمق، وليس له أن يزيد على الشبع. وهل يجوز له أن يشبع منها؟ فيه قولان:
أحدهما: له ذلك؛ لأن كل ما جاز له أن يأكل منه ما يسد به الرمق جاز له أن يشبع منه، كالحلال.
والثاني: ليس له ذلك - وبه قال أبو حنيفة، وهي إحدى الروايتين عن مالك وأحمد - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] [الأنعام: 119] وبعد سد الرمق هو غير مضطر.
وحكى الطبري: أن من أصحابنا من قال: إن كان في بلد لم يجز له أن يشبع؛ لأنه يرجو وجود طعام طاهر، وإن كان في سفر لا يرجو وجود ميتة أخرى ولا طعام طاهر فله أن يشبع.
[فرع: وجوب سد الرمق للمضطر]
وهل يجب عليه أن يأكل من الميتة ما يسد به الرمق؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب عليه، ويأثم إذا لم يأكل؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] [البقرة: 195] وفي ترك الأكل تهلكة.