كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

وروت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أن النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ قال: «من أراد أن يهل بالحج.. فليفعل، ومن أراد أن يهل بالعمرة.. فليفعل، ومن أراد أن يهل بالحج والعمرة.. فليفعل» .
وروي: «أن رجلا سأل ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بالشام: أيجوز التمتع؟ فقال: يجوز، فقال: إن أباك كان ينهى عنه، فقال: أرأيت لو فعل رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ شيئا، ونهى عنه أبي.. أكنت تأخذ بفعل النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أو بنهي أبي؟ فقال: بل بفعل النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ قال: (تمتع رسول الله ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وتمتعنا معه»
قال الشيخ أبو حامد: وما روي عن عمر، فله تأويلان:
أحدهما: أنه كان ينهى عن التمتع الذي فعله أصحاب النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ، وهو: أن يحرم بالحج، ثم يفسخه إلى عمرة؛ لأن ذلك كان خاصا لهم؛ لأنهم كانوا لا يرون جواز الاعتمار في أشهر الحج، ففسخ النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ حجهم إلى عمرة؛ ليبين لهم جواز الاعتمار في أشهر الحج.
والثاني: أن عمر كان ينهى عن التمتع اختيارا منه للإفراد؛ لكي يزيل الإنسان شعره وشعثه في الحج لا في العمرة.
إذا ثبت هذا: فإنه يجب على المتمتع دم؛ للآية، وإنما يجب عليه الدم بشروط:
الشرط الأول: أن يعتمر في أشهر الحج فإن اعتمر في غير أشهر الحج، ثم حج في أشهره.. لم يلزمه الدم.

الصفحة 76