كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 4)

[مسألة وقت وجوب دم التمتع]
وأما وقت وجوب دم التمتع على من وجدت فيه شرائطه ... فيجب - عندنا - إذا أحرم بالحج، وبه قال أبو حنيفة.
وقال عطاء: لا يجب حتى يقف بعرفة.
وقال مالك: (لا يجب حتى يرمي جمرة العقبة) ، فاعتبر كمال الحج.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] [البقرة: 196] .
وهذا قد فعل ذلك؛ لأن ما جعل غاية.. فوجود أوله كاف، كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] [البقرة: 187] .
ولأن الشرائط توجد بوجود الإحرام بالحج، فتعلق الوجوب فيه.
وأما وقت نحره: فالأفضل أن لا يذبح إلا يوم النحر، فإن ذبح بعد الإحرام بالحج، وقبل يوم النحر.. جاز عندنا.
وقال مالك وأبو حنيفة: (لا يجوز) .
دليلنا: أنه دم يتعلق بالإحرام، فجاز إخراجه قبل يوم النحر، كدم الطيب واللباس.
وإن ذبح بعد الفراغ من العمرة، وقبل الإحرام بالحج.. ففيه قولان، حكاهما أبو علي في " الإفصاح "، وحكاهما المسعودي [في " الإبانة " ق \ 184] وجهين:
أحدهما: لا يجوز؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] [البقرة: 196] .
وما لم يحرم بالحج.. فلم يوجد التمتع. ولأن للهدي عملا يتعلق به عمل البدن، وهو تفرقة الهدي، فلم يجز تقديمه على وجوبه، كالصوم.

الصفحة 91