كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 5)

والقولُ الثالث: أن المِلك ينتقل إلى المشتري بنفس العقد؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «من باع عبدًا وله مالٌ.. فمالُه للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع» .
فظاهر هذا: أنه إذا اشترطه المبتاع.. كان له بالشرط والعقد، فمن قال: إنه لا يملكه بالعقد الشرط.. فقد خالف ظاهر الخبر، ولأنه معاوضة توجب التمليك، فملك بنفس العقد كالمهر في النكاح، وفيه احترازٌ من الكتابة.
قال الشيخ أبو حامد: وهذا أصح الأقوال.
وأما صاحبُ " الإبانة " [ق\236] فقال: الصحيحُ: إن كان الخيار لهما.. فالملك موقوف، وإن كان لأحدهما.. فالملك لمن له الخيار.
وقال أبو حنيفة: (إن كان الخيار لهما، أو للبائع.. لم يملك المشتري إلا بانقضاء الخيار، فإذا مضى الخيار زال ملك البائع، وملك المشتري بالعقد السابق، وإن كان الخيار للمشتري وحده.. فالمِلك قد زال عن البائع، ولم ينتقل إلى المشتري حتى تمضي مُدة الخيار، فإذا مضت.. ملك المشتري بالعقد السابق) . وتوجيه الأقوال دليل عليه.
إذا ثبت هذا: فإن كان المبيع جارية، فأعتقها البائع قبل انقضاء الخيار.. فقد ذكرنا: أنه يكون اختيارًا منه للفسخ، وينفذ عتقه على الأقوال كلها؛ لأنها إن كانت باقية على ملكه.. فقد أعتق ملكه، وإن قلنا: إنها في ملك المشتري، إلا أن البائع يملك الفسخ، فجعل العتق فسخًا.. فينفذ، وإن أعتقها المشتري بغير إذن البائع، فإنه يكون اختيارًا منه للإمضاء، وهل ينفذ عتقه؟ ينظر في البائع:

الصفحة 41