كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)
[فرع: لا يؤخذ الرهن قبل معرفة قيمة المأخوذ]
وإن ثقلت السفينة بقوم في البحر، وخافوا الغرق، فقال رجل لغيره: ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه، فإن كان المتاع غير معلوم القيمة.. لم يصح أخذ الرهن به قبل الإلقاء؛ لأنه رهن بدين قبل وجوبه، وهل يصح الضمان به؟ فيه وجهان، حكاهما الصيمري.
وإن عرف قدر المتاع وقيمته ... ففيه ثلاثة أوجه، حكاها الصيمري:
أحدها: لا يصح الرهن به ولا الضمان. وهذا هو المشهور؛ لأن القيمة لا تجب قبل الإلقاء.
والثاني: يصحان.
والثالث: يصح الضمان، ولا يصح الرهن.
وأما إذا ألقاه في البحر: وجبت القيمة في ذمة المستدعي، ويصح أخذ الرهن به والضمان؛ لأنه دين واجب.
[مسألة: الرهن عقد غير لازم]
ولا يلزم الرهن من جهة المرتهن بحال، بل متى شاء.. فسخه؛ لأنه عقد لحظه، فجاز له إسقاطه متى شاء، كالإبراء من الدين.
فأما من جهة الراهن: فلا يلزم قبل القبض، سواء كان مشروطا في عقد أو غير مشروط، وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك: (يلزم من جهة الراهن بالإيجاب والقبول، فمتى رهن شيئا.. أجبر على إقباضه) . وكذلك قال في الهبة.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] [البقرة: 283]
الصفحة 13
558